الذخيرة القانونية

موقع يتعلق بالقانون التونسي

random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...
Unknownيقول...

من الكاتب وما هو تاريخ النشر

الضــــــــــــــرر فى المسؤولية التقصيرية

الضــــــــــــــرر فى المسؤولية التقصيرية


يعرف الضرر بصفة عامة على أنه أذى يلحق بالنفس أو بالمال أو بأي معنى من المعاني الإنسانية كالجمال و الكرامة و الألم و الحسرة ، كما أنه من الناحية اللغوية يعني عدم النفع، والشدة و الضيق و سوء الحال و النقص في الأموال و الأنفس ، أما الفقه الإسلامي فقد عرفه بأنه إلحاق مفسدة بالآخرين أو هو كل إيذاء بالشخص يلحق بما له أو جسمه أو عرضه أو عاطفته ، ويعد الضرر أحد الأركان الأساسية التي يجب توفرها حتى يستحق التعويض في نطاق المسؤولية المدنية ككل و المسؤولية العقدية على وجه الخصوص لذلك فعلى الدائن اثباته بكل الوسائل التي تمكنه من ذلك. و يتميز الضرر بمجموعة من الخصائص التي لابد من توفرها (الفقرة الأولى)، كما أن قابليته قد تطرح بعض الإشكالات سنفصلها في مستوى موالي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: خصائص الضرر:حتى يمكن التعويض لابد من توفر مجموعة من الخصائص التي تتعلق بالضرر موضوع الخطأ العقدي الذي إقترفه المدين، و هذه الخصائص تتعلق بعناصر الضرر التي يسميها فقهاء المشرق بصفات الضرر ، و نوعه إن كان ماديا أو أدبيا.أ- عناصر الضرر:إختلف الفقه المدني في تعداد عناصر الضرر، لكن ينبغي التأكيد أن هناك جملة من العناصر لابد من توفرها ليكون الدائن مستحقا للتعويض، و هي بمثابة الشروط الواجب توفرها بأن يكون الضرر مباشر (1) و محققا (2) و شخصيا (3) و متوقعا (4) و شرعيا(5).1- الشرط الأول: الضرر مباشر:يشترط في الضرر القابل للتعويض أن يكون مباشرا أي أن يكون نتيجة طبيعية للخطأ العقدي الذي أحدثه، فقد تتعدد الأضرار التي تصيب الدائن نتيجة لإخلال المدين بتنفيذ إلتزامه، لكن لا يستحق التعويض إلا عن تلك الأضرار التي تتصل إتصالا مباشرا بواقعه خرق العقد و لم يكن بإستطاعة الدائن أن يتوقاها ببذل جهد معقول، فلابد من توفر علاقة سببية بين الخطأ العقدي والضرر الذي يدعيه الدائن، لذلك يفرق كل من الفقه وفقه القضاء بين الأضرار المباشرة والأضرار غير المباشرة التي لا تكون قابلة للتعويض بإعتبار إنتقاء رابطة السببية.و قد أشار المشرع التونسي صلب الفصل 278 م.إ.ع على هذا الشرط عندما إعتبر أن "الخسارة عبارة عما نقص من مال الدائن حقيقة و عما فاته من الربح من جراء عدم الوفاء بالعقد..." و هو إقرار صريح من جانبه بضرورة أن تكون الخسارة أو الضرر ناجمة عن خطإ المدين، و لعل دراسة هذا الشرط تحيلنا بشكل مباشر على دراسة رابطة السببية الواجب توفرها بين الخطإ و الضرر لإستحقاق التعويض في نطاق المسؤولية العقدية، لكن ما ينبغي التأكيد عليه أن الفقه القضاء قد اعتبر هذا الشرط لابد من توفره في الضرر حتى يكون قابلا للتعويض، لكنه ليس الشرط الوحيد بل لابد أن يكون ذلك الضرر محققا.2- الشرط الثاني: الضرر محقق:لا تتحقق المسؤولية العقدية للمدين إلا إذا تحقق الضرر ، و يقصد بذلك أن يكون الضرر محقق الوقوع أي ثابتا على وجه اليقين و بصورة لاتدع مجالا للشك و يقصد بذلك أيضا بأن الضرر سيقع حتما في المستقبل، لذلك فإن الضرر ينقسم إلى ضرر قد وقع فعلا و هو الضرر الذي يصيب الشخص في الحال و يكون إثباته بجميع الطرق بإعتباره واقعة قانونية و الأمثلة على ذلك متعددة كأن يصاب المعاقد في جسمه بمرض أو جرح أو في أي مصلحة مالية له، و ضرر مستقبلي توجد أسبابه في الحال و لكن آثاره هي التي تراخت إلى المستقبل ، مثال ذلك أن لا يقوم مقاول البناء بما إلتزم به طبقا للمواصفات القانونية و الفنية المتفق عليها فهناك أثر بعيد المدى متمثل في سقوط المشيدات تراخي إلى المستقبل، فالضرر الذي يعوض هو الضرر المحقق و هو أن يكون ضررا حالا أو مستقبلا متى كان محقق الوجود ، فلا يجوز بأي شكل من الأشكال التعويض عن ضرر محتمل الوقوع، بإعتبار أنه مجرد ضرر إفتراضي و الأحكام لا يمكن أن تبنى على الإفتراض. لكن هناك نوعية من الأضرار وقع حولها جدال فقهي و قضاءي فيما إذا كانت تمثل ضررا محققا أو مجرد ضرر محتمل و نعني بذلك مسألة تفويت الفرصة.تعتبر الفرصة أمرا محتملا ذلك أن الإنسان لا يعرف إن كان الحدث الذي ينتظره سيتحقق أم لا، لكن حرمان الشخص من فرصة كان من الممكن أن تعود عليه بكسب هو بصدد إنتظاره فذلك يؤدي إلى إستحالة حدوثه مستقبلا، و بالتالي أمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض عن هذا الضرر المتمثل في فوات الفرصة الذي يعد أمرا محقق الوقوع، و مثال ذلك أن يتعرض الشخص لإصابة جسدية تحرمه من فرصة الترقية إلى درجة أعلى في عمله، رغم أن الترقية تبقى أمرا غير محقق ذلك أنه يمكن أن لا يحصل المتضرر عليها فلا يعوض إذن عن فرصة الترقية بالنسبة للترقية في حد ذاتها بل يعوض عن فوات تلك الفرصة.و بالعودة إلى فقه القضاء الفرنسي نجده قد تردد لفترة طويلة في إقرار التعويض عن فوات الفرصة، إذا إعتبرها أمرا إحتماليا لا يجوز التعويض عنه بناء على أن الضرر المدعى به ليس محققا لأنه لا يشكل إعتداء على حق ثابت بل يقتصر على المساس بمجرد أمل.و قد رفضت محكمة التعقيب الفرنسية في قرار لها بتاريخ 8 أوت 1903 منح تعويضات للمتضرر عن تفويت فرصة ربح مسابقة الخيل كما رفضت منح تعويضات للخطيبة التي توفي خطيبها في حادث مرور و التي أسست طلب التعويض عن فوات فرصة الزواج ، لكن موقف فقه القضاء تطور حاليا و أصبح يعوض عن تفويت الفرصة و ذلك بتأثير من الفقهاء الذين أجمعوا على ضرورة التعويض عن هذا النوع من الضرر .و أصبح السؤال المطروح بعد هذا التطور في معرفة الحالات التي يمكن فيها التعويض عن تفويت الفرصة و عن المقاييس التي تعتمدها المحاكم في تقديرها للتعويض عنها. و من الفرضيات التي طرحت أمام القضاء حول تفويت الفرصة نجد تفويت فرصة ممارسة الحق أو تفويت فرصة البرء أو تفويت فرصة النجاح الدراسي أو المهني أو تفويت فرصة الرعاية و الكفالة.* تفويت فرصة ممارسة الحق:عوضت المحاكم عن تفويت فرصة ممارسة حق التقاضي بالنسبة للمتضرر الذي نتيجة خطأ موكله لم يتمكن من ممارسة حقه في التقاضي و الصور على ذلك عديدة ، و في كل الحالات فإن القاضي يعتمد في حساب التعويض بالنسبة للمتضرر هو تفويت فرصة كسب القضية و يأخذ بعين الإعتبار الدعوى التي لم يتمكن المتضرر من رفعها و ما هي الحظوظ المتوفرة لديه لكسبها.** تفويت فرصة البرء أو فرصة البقاء على قيد الحياة:إعتبر فقه القضاء الفرنسي في القرار الصادر عن الدائرة المدنية الأولى لمحكمة التعقيب الفرنسية بتاريخ 14 ديسمبر 1965 ، يتعلق بالتفويت في فرصة البرء نتيجة لتشخيص خاطئ قام به الطبيب نتيجة للعلاقة العقدية التي تجمعه بمريضه، حيث ذكرت محكمة التعقيب صلب قرارها "أنه على قضاة الأصل أن يقيموا مدى توفر فرص الشفاء و كان عليهم تقدير الضرر الحاصل" وتراجعت فيما بعد أنه يجب التعويض عن تفويت فرصة الشفاء حتى إن وجد شك حول النتيجة النهائية للعلاج، لكن بالنسبة لهذه المسألة فإن العديد من المعارضين لموقف محكمة التعقيب الفرنسية اعتبروا التعويض عن فرصة البقاء على قيد الحياة يؤدي إلى تحويل مسؤولية الطبيب التي هي في الأصل مسؤولية من أجل بذله عناية لشفاء المريض لا مسؤولية من أجل تحقيق نتيجة لكن بالإمكان الإجابة عن هذا الموقف بكون مسؤولية الطبيب تؤسس على الخطأ و الإهمال في الرعاية و في الحيطة و العناية الازمين و لم يؤسسها على خطأ الطبيب في تحقيق نتيجة، لكن رغم ذلك يمكن أن نعتبر التعويض عن تفويت فرصة البرء أو البقاء على قيد الحياة يعد من صميم إلتزامات الطبيب، لذلك من الممكن إعتباره تعويضا عن ضرر محقق إذا كانت فرصة البرء متوفرة بنسبة مرتفعة بالنظر إلى الإمكانيات العلمية و التقنية المتاحة و فرص نجاح العلاج مع حالات أخرى.

*** تفويت فرصة النجاح المهني أو الدراسي:إن التعويض عن فرصة النجاح يعرف صعوبات في تقدير مدى حصوله، لذلك نجد فقه القضاء يقبل التعويض في حالات و يرفضه في حالات أخرى إذ رفضت محكمة التعقيب الفرنسية بتاريخ 12 ماي 1966 ، مطلب التعويض المقدم من طرف المتضرر الذي تعرض لحادث مرور و الذي أسس طلبه على أن تفويت فرصة إجتياز إمتحان الباكالوريا أعاقه عن مواصلة دراسته في كليات الصيدلة و عن ممارسة مهنة صيدلي في المستقبل، و قد إعتبرت محكمة التعقيب أن الأضرار التي إدعاها المتضرر هي إحتمالية و غير محققة و بالتالي غير قابلة للتعويض و في قرار آخر صادر بتاريخ 24 فيفري 1970 ، عن الحجرة الجنائية لمحكمة التعقيب الفرنسية أقرت فيه التعويض لأرملة طالب متميز في الطب الذي كان سيكون له مستقبلا باهرا و أعتبرت أن الضرر الذي أصاب أرملته ضرر محقق.و الملاحظ هنا أن التعويض عن تفويت فرصة النجاح يختلف بإختلاف الوضعية التي يكون عليها المتضرر .

**** تفويت فرصة الرعاية و الكفالة من طرف المتضرر:لقد طرحت بعض القضايا على المحاكم الفرنسية يطالب فيها أقارب الهالك بالتعويض عن فرصة الإنفاق و الرعاية بناء على أن المتسبب في وفاة عائلهم فوت عليهم كل فرص الرعاية المستقبلية التي كان سيشملهم بها الهالك لولا وفاته عند نجاحه في حياته المهنية، إن مثل هذه القضايا لا تطرح إشكالا إذا ثبت للقاضي أن المتضرر كان يعول فعلا وقت وفاته طالب التعويض، لكن إذا ماكان ذلك غير ثابت فإن القضاة حسب ظروف الأحوال يقدرون مدى توفر فوات تلك الفرصة ، و ما من شك فيه أن التعويض عن تفويت الفرصة يبقى مفتوحا لمجال الإجتهاد نظرا لغياب نصوص قانونية تقر بالتعويض عن هذا النوع من الضرر و بالتالي فإن تقدير التعويض عنه يختلف بإختلاف الحالات و قد بين عديد الأمثلة على ذلك.إذا كان الضرر محققا و مباشرا فلابد أن يكون شخصيا و هو العنصر أو الصفة التي سنتعرض لها في العنصر الموالي.3- الشرط الثالث: الضرر شخصيا:يقصد بشخصية الضرر أن يكون قد أصاب الشخص المطالب بالتعويض في ذمته بسبب الخطأ، و يستوي أن يكون هذا المضرور طبيعيا أو معنويا ، و يجوز أن يكون الضرر قد لحق بشخص غريب عن العلاقة التعاقدية، كأن يهلك شخص نتيجة لتقصير شركة النقل البحري في تنفيذ الإلتزام المحمول على عاتقها، مما أدى إلى هلاك مجموعة من المسافرين، ففي هذه الحالة نجد الضرر سيرتد إلى أهل الهالك و ذويه، حيث لاتوجد أي علاقة قانونية تجمع أهله بالشركة الناقلة لكن الضرر هنا يعد من قبيل الضرر المرتد، فيكون للقائم بدعوى التعويض في هذه الحالة مصلحة في المطالبة بالتعويض طالما كانت العلاقة القانونية القائمة بين الهالك و الذي إرتدله الضرر لا تخالف النظام العام.4- الشرط الرابع: الضرر متوقعا:بالتأمل في أحكام المسؤولية التقصيرية نجد مقترف الفعل الضار مطالب بتعويض الأضرار الناتجة عن فعله سواء كان بتقصير منه او عن عمد لكن بالنسبة للمسؤولية العقدية نجد أن هناك ركن التوقع الذي يجب أن يتوفر في الضرر القابل للتعويض، و توقع الضرر يكون إنطلاقا من طبيعة العقد، و مثال ذلك أن يضطر المستأجر لإخلاء المنزل قبل إنقضاء مدة الإيجار لعدم قيام المؤجر بإلتزامه من ترميم إشترطه عليه المستأجر، فينتقل إلى منزل مساو للمنزل الأول و لكنه أعلى أجرة، و تتلف بعض المفروشات أثناء النقل، ثم يكون في المنزل الجديد "ميكروب" مرض معد ينقل إليه هذا المرض، فالفرق في الأجرة ما بين المنزلين هو الضرر المباشر المتوقع، و قيمة المفروشات التي تلفت هي الضرر المباشر غير المتوقع، و ما يتسبب عن المرض هو ضرر غير مباشر، و المدين في الإلتزام التعاقدي لا يكون مسؤولا إلا عن الضرر المتوقع، ما لم يكن قد أخل بإلتزامه عمدا فيكون مسؤولا عن الضرر المباشر المتوقع و غير المتوقع كما في المسؤولية التقصيرية، لكن السؤال المطروح هنا هل يكفي لتوقع الضرر أن يكون سببه هو المتوقع أو يجب أيضا أن يكون مقداره متوقعا؟ ويكفي أن نشير هنا أن محكمة التعقيب الفرنسية ذهبت في إتجاه حديث إلى أن مقدار الضرر يجب أن يكون متوقعا و لا يكفي توقع سببه، فلا يكون المدين مسؤولا إلا عن مقدار الضرر الذي توقعه .5- الشرط الخامس: الضرر إعتداء على مصلحة مشروعه:حتى يكون الضرر قابلا للتعويض في نطاق المسؤولية المدنية عموما والعقدية على وجه الخصوص، لابد أن يكون الحق موضوعه محل شرعية قانونية، إذ لا تعويض عن الضرر الذي يشكل مصلحة لا يحميها القانون، فلا يجب أن تكون المصلحة الواقع الإعتداء عليها مخالفة للنظام العام والأخلاق الحميدة، فالمصلحة التي يقوم عليها مستحق التعويض لابد أن تكون محمية من القانون، وتنبغي الإشارة إلى كون المعاملات العقدية المنافية للنظام العام لا يمكن القيام بطلب تعويض الضرر الناجم عن عدم الوفاء بها، باعتبار أن المصلحة الواقع الاعتداء عليها ستكون بالطبع مخالفة للنظام العام والأخلاق الخميدة، كتعهد شخص ببيع أحد أعضاءه فعدم تنفيذه لهذا الالتزام غير القانوني قد تترتب عنه أضرار بالنسبة للطبيب الذي سيتولى زراعة ذلك العضو بالنسبة للمريض المتعهد في حقه، لكن الضرر هنا يبقى غير مشروع باعتبار فساد المصدر المتأتي عنه المتمثل في عقد بيع الأعضاء البشرية الذي يمنعه القانون.بعد أن تعرضنا في نطاق دراستنا لخصائص الضرر القابل للتعويض في نطاق المسؤولية العقدية لشروط الضرر، سنتولى في المرحلة الموالية التعرض لأنواع الضرر القابلة للتعويض.

ب- أنواع الضـــــرر:إذا حصل اخلال بالالتزام من جانب المدين فإن الضرر الذي يصيب المدين يكون على أحد وجهين حسبما يقره الفقه المدني، فأما أن يكون ذلك الضرر ماديا أو معنويا، رغم أننا في نطاق القانون المدني التونسي لا نجد المشرع يتحدث إلا عن الخسارة التي لها بعد مادي، خصوصا عند تعريفها صلب الفصل 278 م.إ.ع على أنها "عبارة عما نقص من مال الدائن حقيقة وعما فاته من الربح من جراء عدم الوفاء بالعقد..."، وينبغي حصر هذه الملاحظة في إطار المسؤولية العقدية فحسب، باعتبار أن المشرع صلب الفصل 82 م.إ.ع يعتبر الضرر: إما ماديا أو أدبيا، ونستطيع أن نقول بكون خصائص الضرر صلب المسؤولية التقصيرية أوضح مما عليه الأمر فيما يتعلق بالمسؤولية العقدية ، وسنحاول من خلال هذه الفقرة التعرض إلى الضرر المادي (1) والضرر المعنوي (2) في نطاق المسؤولية العقدية.1- الضرر المادي:الضرر المادي هو الأذى الذي يلحق الإنسان في نفسه أو ماله، فيعد من صنف الأضرار المادية كل مساس بحقوق الشخص المالية كحق الملكية وحق الانتفاع وحق الارتفاق وحقوق الدائنية وحقوق المؤلف والمخترع إلا إذا لم يترتب على هذا المساس انتقاص للمزايا المالية التي تخولها هذه الحقوق لأصحابها، وهو تبعا لذلك عبارة عن ضرر مالي كلما أصاب الذمة المالية للدائن، كما أنه قد يكون مساسا بصحة الإنسان وسلامته الجسمية إذا كان يتسبب في خسارة مالية كالإصابة التي تعجز الشخص عن الكسب عجزا كليا أو جزئيا أو تقتضي علاجا يكلف نفقات وهو ما يعبر عنه بالضرر البدني، ولعلنا من خلال مطالعة موقف المشرع من الخسارة الموجبة للتعويض في نطاق المسؤولية العقدية، نجد أنه يعتد بالضرر المادي، فالإنسان باعتباره جسدا وروحا وهبه الله مجموعة من القدرات التي يخولها له جسده وتتمثل في القدرات المادية كالقدرة على العمل والقدرة على ممارسة الأنشطة الحياتية المتعددة، والتي يترتب عن الأضرار الواقعة على الجسم أو الحياة عدم إمكانية الشخص من ممارسة تلك القدرات، لكن قد يختلف وقع تلك الإصابة من شخص إلى آخر تبعا لظروف كل فرد وحالته الشخصية وبصفة خاصة طبيعة عمله . كما أن الضرر المالي يتصل بما فات الشخص من كسب وما نقص من مال الدائن، فمثلا في عقد نقل البضاعة لو لم يتم تسليم البضاعة المتفق عليها كأن حصل تأخر من جانب الناقل في تسليمها ترتب على ذلك فوات صفقة رابحة فهذا يعني تضرر صاحب البضاعة ماليا وكذلك في عقدي الوديعة والعارية فلو لم يقم المودع لديه أو المستغير برد الوديعة أو الشيء المعار وترتب على ذلك تلف الشيء المودع أو المعاد . وقد اعتبر شق من الفقهاء أن الضرر المالي في نطاق المسؤولية العقدية يعد الأكثر حدوثا من الضرر البدني فيما لو أخل المدين بتنفيذ التزامه ، لكن هذا الموقف مردود حسب رأينا باعتبار تنامي الالتزام بضمان السلامة في عديد أنواع العقود، أضف إلى ذلك أن هناك من العقود ما يكون قائما محلها على تدخل طبي سيتصل بصفة مباشرة بجسد الدائن، لذلك فإن الضرر البدني يشكل بدوره عنصرا هاما لابد من دراسته في نطاق التعويض عن الضرر في المسؤولية العقدية، وسنتعرض في المبحث الوالي إلى أنواع الأضرار المادية القابلة للتعويض.2- الضرر المعنوي:أثارت مسألة التعويض عن الضرر المعنوي في نطاق المسؤولية العقدية نقاشات فقهية وتأرحجت المواقف على مستوى فقه القضاء بين قبول التعويض عن مثل هذا النوع من الضرر أو رفضه، والضرر المعنوي هو الأذى الذي يصيب المرء في شعوره أو أحاسيسه أو سمعته فيوصف بأنه ضرر غير مالي فهو لا يمس الجانب المالي من ذمة الدائن، وإنما يصيب الجانب المعنوي منها فيوصف بأنه كذلك، فلو أساء طبيب في علاج مريضه فأصابه بضرر معنوي، أو ذاع سرا لمريضه لا يجوز إذاعته، أو الوكيل الذي يفشي عن موكله ما يؤذيه في اعتباره، أو الناشر الذي ينشر كتابا لمؤلف فيشوهه ففي كل ذلك يتحقق ضرر معنوي يصيب الدائن ، وقصد مزيد التوضيح فيما يتعلق بإمكانية التعويض عن الضرر المعنوي في نطاق المسؤولية العقدية سنتعرض في عنصر (*) إلى موقف الشريعة الإسلامية من التعويض عن الضرر المعنوي و سنتعرض في عنصر ثاني (**) إلى التعويض عن الضرر المعنوي في القانون المقارن و القانون التونسي.* موقف الشريعة الإسلامية من التعويض عن الضرر المعنوي:لو نعود إلى استعراض الفلسفة التي تقوم عليها فكرة الضمان في الشريعة الإسلامية، لوجدنا أنها تقوم على أساس رد الحال إلى ما كان عليه قبل حدوث الضرر، وهذا المفهوم لا يمكن تطبيقه إلا بالنسبة للضرر المالي، حيث يعوض المال التالف أو الهالك بمال آخر ليحل محله، وبالطبع فإن إيجاد مثل هذا الأساس أو المفهوم فيما يتعلق بالضرر المعنوي، يظل أمرا صعبا، إذ يصيب هذا النوع من الضرر الإنسان قي شعوره وعواطفه، وقد تعددت الآراء الفقهية فيما يتعلق بالتعويض عن الضرر المعنوي، فهناك من يرى أن التعويض يكون بالمال لإحلاله محل مال آخر وهذا الأمر لا يتحقق بالنسبة للأضرار المعنوية، فقد جاء في المغني لابن قدامة "وأن لطمه على وجهه فلم يؤثر في وجهه فلا ضمان عليه لأنه لم ينقص به جمالا ولا منفعة..." ،كما أن عددا من فقهاء الإسلام قد ذهبوا إلى تبني هذا المبدأ الذي لا يعتبر الضرر المعنوي قابلا للتعويض ، لكننا في المقابل نجد إتجاها آخر يقر بإمكانية الضمان في الضرر المعنوي، و خصوصا فيما يتعلق بالضرر الجمالي و الألم، فقد جاء في المبسوط للسرخسي "روى عن محمد في الجراحات التي تندمل على وجه لا يبقى لها أثر تجب حكومة بقدر ما لحق من الألم" و قد جاء أيضا أنه " في اللسان لديه لأن الآدمي قد إمتاز من بين سائر الحيوانات باللسان و قد من الله تعالى به على عباده، فقال تعالى "خلق الإنسان علمه البيان" و ذلك بقطع اللسان ففيه تفويت عظم المقاصد في الآدمي و كذلك في قطع بعض اللسان إذا منع الكلام، و إن كان بحيث يمنع بعض الكلام دون البعض فالجواب الظاهر أن فيه حكومة عدل لأنه لم يتم تفويت المقاصد بهذا القدر و إنما تمكن فيه نقصان فيجب إعتبار حكومة عدل" وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "ثم قطع الأنف تفويت جمال كامل و منفعة كاملة وأمتاز الآدمي من بين سائر الحيوانات فإن تفويتها فيه معنى تفويت النفس فكما تجب الدية بقطع جميع الأنف يقطع المارن لأن تفويت الجمال به يحصل و كذلك تفويت المنفعة في الأنف إحتماع الروائح في قصبة الأنف لنقله منها إلى الدماغ" ، و ذلك لأن ضرر فوات الجمال الذي يتسبب في ألم معنوي له مساس بتكامل الجسد للإنسان ، و لكننا لو نعود للقاعدة العامة المعتمدة في الشريعة المستوحاة من الحديث النبوي الشريف أنه " لا ضرر و لا ضرار" فإن كل الأضرار مادية كانت أو أدبية تكون قابلة للتعويض، و قد ذهب الفقيه منذر الفصل في كتابه عن المسؤولية المدنية المتعلق بالتعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية، أن الفقهاء المسلمين كان ينصب كل همهم على التعويض أو الضمان في أي نوع من الأضرار سواءا كانت مادية أو أدبية.

** التعويض عن الضرر المعنوي في القانون المقارن و القانون التونسي:لم يثر التعويض عن الضرر المعنوي إشكالا فيما يتعلق بالمسؤولية التقصيرية، بإعتبار إقرار أغلب التشريعات بذلك و هو الموقف الذي نجد عليه المشرع التونس، و تكفينا مطالعة أحكام الفصول 82 و 83 من م.إ.ع. حتى نتبين ذلك، لكن التعويض عن الضرر المعنوي في نطاق المسؤولية العقدية بقي أمرا محل جدال و أخذ و رد قبل الولوج إلى المواقف التشريعية، لا بد من التعرض إلى الخلفية الفقهية التي أحاطت بهذا الموقف أو ذاك لذلك سنتعرض في مستوى أول إلى الأسس الحديثة في التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية العقدية.الأسس الفقهية الحديثة في التعويض عن الضرر المعنوي: ذهب جانب من الفقه يتزعمه كل من دوما و بوتييه في القانون الفرنسي القديم إلى أن التعويض عن الضرر المعنوي غير ممكن بالنسبة للمسؤولية العقدية، و ذلك نتيجة تأثر هذين الفقهين بمبدأ إزدواجية المسؤولية المدنية، و من ححج هذا الإتجاه التي نذكر بعضها و أهمها ، أن العقد يعد آداة لتبادل الخيرات و الثروات و كلها من قبيل المنافع المادية، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون محل الإلتزام مشتملا على جانب أدبي، كما أن التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية العقدية يؤدي إلى إنزال الشرف و العاطفة و الصمعة منزلة الأموال و هذا غير لائق و لا تقره المثل العليا، هذا إلى جانب أن الضرر المعنوي نادر الوقوع في المسؤولية العقدية.و قد رد أنصار التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية العقدية بكون المعاقد له مصلحة أدبية في تنفيذ العقد، قد لا تقل أهمية عن المصلحة المادية فتعاقد تاجر تفصيل مع تاجر جملة حول نوعية معينة من السلع ذات المواصفات الجيدة فإنما يكون ذلك لا فقط لتحقيق أرباح مادية لكن في نفس الوقت حتى تكون له سمعة و صيت جيد في السوق، و تزويده ببضاعة لا تطابق تلك المواصفات يظر من الناحية المعنوية حيث يهتز مركزه بالسوق و يعود عليه ذلك بضرر معنوي قد يكون هو بدوره سببا في وقوع خسارة مادية له مسقبلا تتمثل فيما سيفوته من الربح. هذا إلى جانب إعتبار الضرر المعنوي ليس من قبيل الضرر المالي حتى لا يتم التعويض عنه فإن هذه الحجة واهية بإعتبار أن التعويض عنه في نطاق المسؤولية التقصيرية جائز رغم توفر نفس المانع، كما أن ندرة حدوث الضرر المعنوي في المسؤولية العقدية لا يعد مبررا لإقصاء التعويض عنه، ونظرا لهذه الحجج المضادة فإنه قد ظهر إتجاه آخر تنبته عديد التشريعات و المحاكم، و قد تزعمه الفقيه الفرنسي مازو الذي أجاز التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية العقدية.التعويض عن الضرر المعنوي و أسسه القانونية: لقد تباين موقف التشريع في هذه المسألة و سنتعرض بكثير من الإيجاز إلى موقف التشريعات من التعويض عن الضرر المعنوي في نطاق المسؤولية العقدية ثم نبين موقف القانون التونسي .فبالنسبة للقانون الفرنسي القديم كما كنا قد أشرنا و تأثرا بموقف الفقيهين بوتييه و دوما فإنه لم يعتد بالتعويض عن الضرر المعنوي، بينما نجد القانون الفرنسي الحديث مع مجلة نابوليون لسنة 1804 يقر بالتعويض عنه، بإعتبار أن كل ضرر قابل للإصلاح سواءا كان ماديا أو أدبيا ولم تتردد المحاكم في التعويض على الرغم من صعوبة التقدير من الناحية المالية رغم أن التشريع لم يصرح بذلك صراحة، أما في القانون الأنقلوسكسوني، فالتعويض عن الضرر الأدبي جائز في نطاق المسؤولية التقصيرية، أما في المسؤولية العقدية فمن الناحية المبدئية لا يجوز إلا في حالة الإخلال بالوعد بالزواج، أو عند رفض أحد البنوك خلاص شيك مسحوب عليها مع توفر رصيد، إذ ذلك يعد من قبيل التشهير بالتاجر الساحب .أما في القانون المدني المصري و السوري فقد أورد إمكانية التعويض عن الضرر الأدبي في نطاق المسؤولية العقدية، بأن أوردا النص المتعلق بالتعويض في الباب المخصص لأثار الإلتزام، مما يوحي بقراءة متكاملة للتشريع بأنه يمكن التعويض عن الضرر الأدبي في إطار المسؤولية العقدية.و بالنسبة للتشريع المدني التونسي فإن الموقف يستنتج بوضوح فيما يتعلق بالمسؤولية التقصيرية ، بينما نجد أنفسنا أمام فراغ تشريعي فيما يتعلق بالتعويض عن الضرر المعنوي في نطاق المسؤولية العقدية، و يكفينا أن نلاحظ إعتماد المشرع لمصطلح الخسارة عوضا عن إعتماد مصطلح الضرر، و في ذلك إشارة واضحة للفلسفة الواردة بالفكر الإسلامي، فللخسارة معنى مادي إصطلاحا، و بالإمكان أن نقول بأن المشرع يعتمد مفهوم جبر الضرر المادي بإحلال قيمة مالية محل الخسارة المالية التي يمنى بهذا الدائن في صورة عدم تنفيذ المدين لألتزامه أو التأخر فيه، لكن الفقه المدني أعتبر أنه من الممكن إعتماد التعويض عن الضرر المعنوي، خصوصا و إن صمت المشرع لا يعد منعا،كما انه لا بد من قراءة متكاملة للنصوص القانونية المتعلقة بالمسؤولية المدنية بوجه عام كما أن فقه القضاء قد تبنى هذا الموقف بإعتماده التعويض عن كامل الضرر بالنسبة للناقلين و مؤهنيهم.رغم معالجتنا صلب هذه الفقرة الأولى الخصائص المتعلقة بالضرر في نطاق المسؤولية العقدية، و التي بتوفرها يمكن للدائن المتضرر إستحقاق التعويض، إلآ أنه لا بد من بحث قابلية الأضرار للتعويض نظرا لتعددهـا و تنوعهـا و هو ما سنراه في الفقرة الثانية.الفقرة الثانية: قابلية الأضرار للتعويض: عند محاولة حصرنا للأضرار القابلة للتعويض، نجد أن هذه الأضرار متعددة و متنوعة، ومنها ما هو مادي سواء تسلط على جسد الإنسان أو ماله، و منها ما هو معنوي يتصل بإصابة الشخص في عواطفه أو شرفه أو كرامته أو في أي شئ يحرص عليه الشخص من المعاني الإنسانية، وسنحاول من خلال هذه الفقرة أن نتعرض لأهم الأضرار القابلة للتعويض من جراء إخلاء المدين بتنفيذ إلتزامه في إطار دراستنا للضرر كأحد شروط إستحقاق في نطاق المسؤولية العقدية وسنفصل الحديث بالتعرض في عنصر أول للأضرار المادية القابلة للتعويض و سنأتي في عنصر ثاني إلى الأضرار المعنوية.أ‌- الأضرار المادية القابلة للتعويض :حدد المشرع التونسي صلب الفصل 278 من مجلة الإلتزمات و العقود عناصر الضرر المادي وسنبينها في عنصر أول (1) و سنتولى في عنصر ثاني تبيان أنواع هذه الأضرار المادية (2).1- عناصر الضرر المادي في نطاق المسؤولية العقدية: إن الضرر حتى يمكن التعويض عنه لا بد أن يدرج ضمن أحد العناصر الواردة صلب الفصل المذكور أعلاه، حيث إعتبر المشرع " الخسارة عبارة نقص من مال الدائن حقيقة (*) وعما فاته من الربح (**)".* ما نقص من مال الدائن حقيقة:إن المقصود من عبارة ما نقص من مال الدائن حقيقة هي الخسارة الناتجة عن الإصابات أو الإعتداءات التي تعرض لها المتضرر، إن كانت تلك الإصابات قد نزلت بجسمه كالجروح والعاهات التي يمكن أن تعيبه من جراء خطأ المدين أو تسلطت على مكاسبه كإتلاف سيارته أو مزروعاته، و إستعمال عبارة حقيقة المقصود منه هي تلك الخسارة المحققة و ليست الخسارة الإحتمالية، و نذكر بحدثين فيما يتعلق بعنصر الضرر المحقق، لكن ما يصيب الدائن حقيقة من أضرار لا يتوقف على الأضرار الحالة بل كذلك الأضرار المستقبلية. فلو أخذنا مثال المقاول الذي ينفذ العقد تنفيذا معيبا،لوجدنا ما تحقق من خسارة يتمثل فيما صرفه رب العمل طيلة مدة الإنجاز إلى جانب التسبيقات التي يكون قد أبرمها الباعث العقاري مع المشترين للعقارات التي كلف المقاول ببناءها بموجب العقد، فكل هذه الخسائر تعد واقعة حقيقية و هي قد نقصت من مال الدائن، كما أن المحامي الذي لا ينفذ ما جاء بمقتضى التوكيل، بأن يدافع عن حظوظ موكله حول قيمة مالية معينة، كان يستردها لو قام الدفاع بواجبه مثلما يجب بمقتضى وكالة الخصام، فذلك يعد من قبيل ما نقص مال الدائن حقيقة.و لعل عبارة ما حصل من نقص في مال الدائن حقيقة يستوعب ما قد يصرفه الدائن أو لابد أن يصرفه لتدارك عواقب الخطأ العقدي المقترف من قبل المدين، فالمنوب عند تقاعس محاميه رغم آداءه لما عليه تجاهه، قد يلجأ إلى محام آخر حتى لا يفوت عن نفسه إمكانية إستخلاص حقه عن طريق القضاء، و ما صرفه المدين يعد من قبيل ما أنتقص من الذمة المالية للدائن حقيقة وتختلف هذه المصاريف بإختلاف مصدر الضرر، ففي حالة الإصابة الجسدية، قد تكون تلك الخسائر متمثلة في أجر الأطباء و الجراحين و معيني الأطباء، و مصاريف الإقامة بالمستشفى أو المصحة، ومصاريف الأدوية و التحاليل، و كل المصاريف المتعلقة بما وقع للدائن من ضرر، و لو أخذنا مثال عقد النقل الذي يتحمل فيه المدين إلتزاما بضمان السلامة الجسدية للدائن، ففي صورة وقوع حادث ألحق أضرار بدنية بالدائن أثناء السفرة، فهذا الأخير سيتولى إنفاق مصاريف العلاج لتدارك ما وقع له من ضرر، و لا شك أن هذه المصاريف ستنتقص من مال الدائن حقيقة، لكن لو فرضنا مثلا أن الدائن أثناء التداوي قد حصلت له أضرار أخرى نتيجة لتلوث مصدر الدم الذي تم نقله له فإن هذا الضرر غير مباشر، فلا يحمل على أنه مما يمكن حمل المدين على التعويض عنه بإعتبار إنعدام رابطة السببية، و هو ما سنتولى تفصيله في المبحث الأخير من هذا القسم الأول.و عناصر الضرر المادي القابل للتعويض في نطاق المسؤولية العقدية يمتد كذلك إلى ما فات المدين من ربح.** ما فات الدائن من ربح:لا شك أن مادة العقود ترتبط إلى حد بعيد بعالم المعاملات، بإعتبار المفهوم المادي للعقد الذي يقدمه أنصار النظرية المادية على يد الفقه الألماني، فكل عملية تعاقدية في عالم التجارة يكون الغرض منها تحقيق ربح، بشرط أن يكون ذلك الربح مشروعا، مع أننا في إطار مادة المعاملات المدنية نجد كذلك نزعة نحو تحقيق ربح مدينه بما عليه من إلتزامات منشئها العقد، سواء بعدم تنفيذه أو تنفيذا معيبا أو تأخره في ذلك.و قد ينتج عن الخطأ العقدي ضرر يتسلط على جسد الدائن فيسبب له إعاقة تمنعه من العودة إلى نشاطه المهني، و يكون ذلك الضرر مأتاه خطأ أثبت الإختبار المجرى من طرف القاضي، أنه كان بإمكان المدين تجاوزه لو أنه بذل عناية أكثر ممكنة حسب ما لديه من المعدات التقنية، وتلك الأجور التي يستحقها الدائن لو أنه تمكن من العودة إلى عمله، تشكل ربحا فائقا عليه، ينبغي على المدين تعويضه، و إذا ما نتج عن الخطأ العقدي إعتداء على مكاسب الدائن، كإتلاف بضاعة أودعت لديه، كان الدائن سيقوم ببيعها فإن التعويض لن يقدر بثمن البضاعة حسب قيمتها، بل كذلك يجب تعويض ما فات من ربح لو أنه تم بيعها بالسوق، بإعتبار أنها داخلة في نشاطه التجاري، و سنرى في الجزء الثاني الآليات المعتمدة من طرف القاضي في تقدير ذلك، ولعل أبرز مثال على هذه الصورة، المسارح التي تتعاقد مع فنان ما و لا يوفي هذا الأخير بالتزامه، كأن لا يعرض بتاتا أو يتولى العرض في عديد المسارح الأخرى في الوقت الذي يوجب عليه العقد العرض في مسرح واحد، فما يفوت المسرح من ربح يتمثل في الجماهير التي كانت ستعضر تلك العروض لو إحترم ذلك الفنان تعهداته، و هذا المثال يعد من الأمثلة الكلاسيكية التي طرحت بالخصوص على فقه القضاء الفرنسي.و لا شك أن القضاء إعتمد على هذا العنصر الثاني عند تقديره للتعويض عن الضرر المادي في نطاق المسؤولية العقدية، و مع ذلك فإنه ينبغي علينا أن نبين بعض الأمثلة عن الأضرار المادية القابلة للتعويض.2- أمثلة عن الأضرار المادية القابلة للتعويض:الأضرار المادية التي قد ينجم عنها إستحقاق الدائن للتعويض إما أن تكون أضرار مادية ناجمة عن الإصابات الجسدية (*) أو أضرار مادية ناتجة عن الإعتداء على المكاسب (**).* الأضرار المادية الناتجة عن الإصابات الجسدية:إن الإصابات الجسدية التي قد تلحق بالمتضرر نتيجة إخلال المدين بإلتزاماته قد ينتج عنه ضرر يصيب المتضرر شخصيا () كما أنه قد تنتج عن ذلك أضرار تصيب المتضررين بالإرتداد ().الأضرار التي تصيب المتضرر شخصيا:لا شك أن الدائن في صورة تعرضه لضرر جسدي، فإنه سيتحمل بمصاريف مهمة، حسب قيمة ذلك الضرر، و لعل أهمها ما سيتحمله من مصاريف علاج و نفقات تداوي، و تطرح في خصوص هذه المصاريف إشكالية تتمثل في مدى إمكانية التعويض في النفقات التي تعد بمثابة المصاريف المتضخمة، فإذا ما عرض الدائن نفسه على أكبر الأخصائيين، و قام بالتداوي في المستشفيات الخاصة التي تكون فيها الإقامة أحيانا باهضة الثمن، و قد أجابت محكمة التعقيب الفرنسية في قرار لها مؤرخ في 28 أكتوبر 1938 ، بالنفي إذ رفضت منح المتضرر تعويض عن مصاريف العلاج التي تكبدها بمناسبة إقامته بمصحة خاصة عرفت بإرتفاع أسعارها، و لعلنا هنا بصدد غياب أحد عناصر الضرر، و المتمثل في إمكانية تجاوز الدائن لمثل تلك المصاريف، فلا يكون السبب المباشر لهذه المصاريف فعل المدين أو بخطإه، لكن ينبغي حسب رأينا المتواضع أن نفرق بين صورتين، إذ قد تحتكر تلك المصحة التقنيات الطبية الناجعة لمعالجة نوع من الإصابات فيكون الدائن هنا مضطرا في التداوي لديها، أما إذا كانت تلك المصحة توفر ما يمكن أن تقدمه مصحة بنفس تجهيزاتها لكن بسعر أقل فإنه لا يجوز التعويض عن تلك المصاريف إلا في حدود السعر الأدنى، و على كل حال فإن الأمر يدخل في محض إجتهاد قضاة الأصل.و قد ينصب خطأ المدين في إصابة الدائن بعجز و قتي أو دائم ،و هناك مجموعة من الأضرار الناجمة عن هذا الصنف من العجز أو ذاك، فبالنسبة للعجز الوقتي الذي تكون نهايته مع البرء النهائي للمصاب، فإن مجموع المصاريف المبذولة من الدائن للعلاج، إلى جانب مصاريف العناية المركزة تعد من قبيل الأضرار التي تنقص من مال الدائن حقيقة، و قد ذهبت المحاكم الفرنسية إلى أبعد من ذلك عندما منحت تعويضات للمصاب بعجز وقتي منعه من متابعة دروسه بصفة منتظمة أو للمتضرر الذي حرم من المشاركة في مناظرة، كما أنها قد منحت تعويضات للتغيرات الفيزيولوجية التي يعيشها المتضرر طوال فترة العجز الوقتي. و لا شك أن الإصابة بالعجز الوقتي بالنسبة للفئة النشطة من المجتمع قد تفوت عنها أرباحا عندما تعيق قدرتها على الكسب في تلك الفترة. لكن لابد من الإشارة أن تقدير قيمة التعويض قد تختلف فيما إذا كان أجيرا فإنه من السهل تقدير مافاته من الربح عن الفترة التي عرفت فيها عجزا و قتيا و ذلك بقيمة الأجر الذي كان سيتقاضاه عن تلك الفترة، أما إذا كان من صنف المهن الحرة كالمحاماة أو التجارة، فإنه يتم تقدير التعويض إنطلاقا مما يقدمه الدائن من إثبات لتلك الخسائر.أما بالنسبة لحالة العجز الدائم فإن التعويض يختلف بحسب قيمة السقوط الذي يقدره الإختبار الطبي، و لا شك أنه على المجلس القضائي تقدير قيمة الخسارة بإعتبار الأحوال الخاصة بكل نازلة.إن هذه الأضرار المادية ذات الصبغة الجسدية قد لا يتوقف مداها على شخص المتضرر فيمتد إلى أهله و ذويه فنتحدث حينها عن الضرر المرتد.الضرر المرتد:إن الرابطة العقدية في الأصل هي رابطة شخصية، لكن لا أحد ينكر مفعول الأثر النسبي للعقد، فيمكن لفروع الدائن أو ورثته أن يتم تنفيذ العقد لديهم، الشيء الذي لا يقصي عنهم مبدئيا إمكانية التعويض لهم في صورة عدم توقف آثار الضرر البدني على شخص الدائن، و مثال ذلك وفاة شخص أو إصابته بعجز دائم نتيجة إخلال شركة النقل في إلتزامها بضمان السلامة، والحل أن المتوفى كان العائل الوحيد لتلك العائلة، فلا شك أن ذلك سيتسبب في خسارة لمن كانوا في كفالته، لكن لابد من إثبات أنه لولا وفاة الدائن لكان هذا الأخير يستمر في كفالة طالبي التعويض، كما لابد من إثبات علاقة القرابة و العلاقة السببية بين خطأ المسؤول و الضرر الحاصل لهم . إلى جانب الأضرار البدنية التي قد تلحق الدائن نتيجة لإخلال المدين بتنفيذ إلتزامه، فهناك أضرار تتصل بأموال الدائن بشكل مباشر سنتبينها في العنصر الموالي.** الأضرار المادية اامتسلطة على الأموال:إن الأضرار المادية المتسلطة على الأموال تختلف بإختلاف و تنوع الأموال موضوع الضرر، والأموال حسب التعريف الوارد صلب الفصل 1 م.ج.ع، هو كل شيء داخل في التعامل بطبيعته أو بحكم القانون، فالضرر يمكن أن يتمثل في إتلاف بعض المكاسب سواءا كانت من العقارات أو من المنقولات، فبالنسبة لعقود كراء الأراضي الفلاحية نجد الفصل 809 م.إ.ع ينص أنه "على المستأجر أن ينتفع بالأرض التي إستأجرها على مقتضى عقده و لا يتصرف فيها بما يضر المالك..."فالأرض يمكن أن يتحقق فيها ضرر إذا أساء المستأجر إستغلالها كأن يغير كيفية الخدمة بما يؤثر فيها تأثيرا مضرا، كما أن المستعير يحمله الفصل 1065 م.إ.ع واجب رد العارية بعينها، فإذا أعدمها أو أتلفها فإنه يكون مسؤولا بخطئه عن ذلك، و هذا الضرر يمكن أن يكون ضررا كليا أو جزئيا، ، و يختلف تقدير التعويض بكون الإضرار كان كليا أو جزئيا، كما أن الضرر قد يصيب القيمة الإقتصادية للشيء المتعاقد عليه، و لا يمكن الإعتداد بمثل هذا النوع من الضرر إلا إذا كان الشيء موضعه معروضا للبيع. والهدف من التعويض كما سنرى في الجزء الثاني من الموضوع هو إزالة و إصلاح الضرر بارجاع الحال إلى ما كان عليه، كما نفرق هنا بين الأضرار الناتجة عن عدم إمكانية تعويض الشيء الذي وقع إتلافه، و الأضرار الناتجة عن الأشياء التي تلفت و يمكن إبدالها .ونجد في نفس الوقت مجموعة من الأضرار التي تتفرع عن إعدام الأشياء موضوع التعاقد أو إتلافها، كالإنتقاص من قيمة الشيء، و مثال ذلك إتلاف في شيء لا يمكن إبداله بشيء مماثل له، حينها ستنقص القيمة المالية لذلك الشيء، كما أنه من الممكن أن تترتب أضرار أخرى متمثلة في الحرمان من التصرف، فالدائن قد يحرم من التصرف في سيارته إذا وقع إتلافها من قبل مستأجرها، لكن يجب على القاضي أن يدخل في إعتباره قيمة الإستعمال عند النظر في التعويض (La Valeur d’Utilisation) بالنسبة لمدعي الضرر.كما اننا نتوفر على مجموعة من الأضرار التي تكتسي صبغة إقتصادية كإتلاف بضائع مستوردة لحساب مصنع، سيحولها و يبيعها فيما بعد، أو الإتفاقات التي من شأنها أن تؤدي إلى الإخلال بقواعد المنافسة أو بممارسة نشاط تجاري قريب من مكان تم فيه بيع الأصل التجاري في نطاق الإلتزام بعدم القيام بعمل.و ينبغي أن نشير أن الأضرار المرتدة قد توجد في الأضرار المادية المتصلة بالمكاسب، كإتلاف بضاعة من طرف الشركة الناقلة يؤدي إلى إيقاف نشاط المصنع المنقول لحسابه، فإن عماله لهم ضرر مرتد متمثل في عدم صرف الأجور من قبل المصنع المتوقف عن العمل .و بعد التعرض إلى تدقيق الأضرار المادية سنتعرض في مرحلة موالية إلى أمثلة عن الأضرار المعنوية القابلة للتعويض في نطاق المسؤولية العقدية.ب- الأضرار المعنوية القابلة للتعويض:لا يشكل الضرر المعنوي إعتداءا على مصلحة مالية للدائن، بل هو خارج عن إطار ذمته المالية إذ يمس بعاطفة الإنسان و شعوره، كأن يصاب الإنسان في جسمه مما يحدث له ألما، أو إصابة الإنسان في عاطفته و شعوره، كإيداع شيء له علاقة بذكريات العائلة لدى شخص آخر، و يقوم هذا الأخير بإتلاف ذلك الشيء، فيؤثر ذلك على الشخص تأثيرا سلبيا مباشرا، أو كأن يشكل الضرر إعتداء على حق من حقوق الدائن، و مثال ذلك المستأجر الذي يمتنع عن تسليم العين المستأجرة بدون وجه حق، فيكون ذلك من قبيل إفتكاك ملك الشخص غصبا، لكن أهم ضرر قد يصيب المعاني الإنسانية يتمثل في ضرر الموت، لذلك سنحاول من خلال عنصر أول (1) أن نتعرض إلى الأضرار المعنوية التي قد تصيب الدائن بصفة عامة و سنتفرغ في عنصر ثاني (2) إلى دراسة إمكانية التعويض عن ضرر الموت.

1- الأضرار المعنوية بصفة عامة:إن الأضرار المعنوية التي قد تصيب الدائن بصفة عامة، فالجرح الذي يصيب مسافرا على متن رحلة بحرية، سيتعرض مما لاشك فيه إلى ضرر مادي يتمثل فيما سيتكبده من مصاريف علاج، لكن بالمقابل هناك آلام سيتحملها طوال فترة تأثره بالإصابة، و التعويض عن الضرر المعنوي المتمثل في الآلام يعبر عنه باللاتنية بـ pretivmdolorin، لكن هذا الألم من الصعب تقديره، بإعتبار أن الألم ليس بمسألة قابلة للتقدير، و لعله على المحاكم أن تعمل في ذلك إجتهادها المطلق بشرط التعليل في أحكامها، عند إستنتاج العناصر التي سيقع إعتمادها عند تحديدمقدار التعويض عن ذلك الضرر المعنوي، لكن إلى جانب الألم فقد ينتج عن الإصابة الجسدية تشويه بدني وهو ما يسمى بالفرنسية esthétique préjudice، و هذا الضرر يختلف بإختلاف مركز المتضرر و بإختلاف نوعية الإصابة التي يتعرض لها، فأن يصيب التشويه طالبا فإن ذلك سيحرمه من الالتحاق بوظيفة يريد أن يشغلها، كما أن الإصابة الجسدية قد ينتج عنها حرمان من متع الحياة الذي يشكل بدوره ضررا معنويا يعبر عنه باللغة الفرنسية préjudice d’agrement ، وهو ما ينتج عنه حرمان من ملذات الحياة كممارسة الرياضة والتنزه والسياحة وغيرها من الأنشطة الحياتية الأخرى والتي تعتبر ضرورية في وقتنا الحالي، وتنبغي الاشارة هنا إلى أن المحاكم الفرنسية قد أقرت بامكانية التعويض عن مثل هذه الأضرار .لكن ما أردت الحديث عنه صلب هذا العنصر بصفة أكثر تعمقا يتعلق بالأضرار المعنوية التي قد تنتج عن طبيعة الممارسة العقدية في علاقة بعالم الأعمال، فالتاجر الذي لا يتم تزويده بعين البضاعة المطلوبة أو يتم تزويده بها في وقت متأخر، لا شك من وجود ضرر معنوي متمثل في فقدان ثقة حرفاءه به، مما سيؤثر على سمعته في السوق، الأمر الذي قد يحدث اضطرابا على رقم معاملاته، فكيف يمكن أن نغض الطرف عن مثل هذا الضرر المعنوي، كما أن صاحب المصنع الذي تأخر تزويده بالبضاعة من طرف معاقده، سيؤثر حتما على علاقته بمستأجريه الذين إذا توقف عملهم بالمصنع سيحسون بعدم الاطمئنان وتتوتر علاقتهم بمؤجرهم، أو في عقد الكراء فإذا اكترى شخص منزلا و استغله بغاية الغناء أو بيع الخمر فإن ذلك يعد اخلالا عقديا لكنه في نفس الوقت يولد نظرة اجتماعية غير مرغوب فيها لذلك المنزل، مما سيؤدي الى النزول بقيمته الكرائية، وما نلاحظه أن هناك تغاضيا من جانب فقه القضاء، ودعنا نكون أكثر تعلقا بالواقع، فالفقه في جانب كبير لا يقبل بفكرة التعويض المدني بصفة عامة تقوم عل إقرار التعويض عن كل الأضرار المتولدة عن الخطأ، فما دام الضرر موجودا فلا بد من تعويضه، ونجد العديد من الأضرار المعنوية الأخرى التي تحوم حول امكانية التعويض عنها بعض الإشكاليات وتتمثل في التعويض عن ضرر الموت.2- التعويض عن ضرر الموت:قد يتولد عن إصابة الإنسان فقدانه للحياة والتي تؤدي إلى فقدان كل القدرات الجسدية والعقلية للإنسان، ولاشك أن الدائن في حالة تعرضه إلى إصابة قاتلة قد تضرر من فقدانه للحياة بصفة غير طبيعية.وينبغي أن نؤكد في هذا المستوى أن المواقف قد اختلفت فيما يتعلق بامكانية التعويض عن ضرر الموت، باختلاف المرجعيات المعتمدة بالنسبة لأصحاب المرجعيات المعتمدة بالنسبة لأصحاب هذه المواقف، فأصحاب المرجعية الدينية تمسكوا بكون الوفاة هي قدر من الله لم يكن فيها دور المخطأ لأسباب كان به أو بدونه سيلقى المتضرر حتفه، وليس من العدل أن نحمل الإنسان ما نسجته الأقدار، وهناك من عارض المسألة من زاوية أخرى معتبرا أن المتضرر بفقدانه للحياة فلا يجوز أن يمنح التعويض لغيره عن معنى الحياة الذي فقده الشخص، كما أن المتضرر لا بد أن يكون قد تعرض وهو في طريقه إلى الموت إلى معاناة من آلام جسدية ونفسية نشأ عنها ضرر يسمى بضرر الموت وهذا الضرر يعتبر غير مالي، لكن لابد من البحث عن وقت نشوء هذا الحق حتى ينتقل لورثة المتضرر، فهل يكون قبل موت المتضرر وضرر الموت لم يقع بعد أم بعد موته وتكون حينها. الشخصية القانونية قد اضمحلت، فإذا ما بقي المتضرر فترة من الزمن بعد الإصابة فإن الحق ينشأ وينتقل إلى الورثة، لكن إذا توفي المتضرر فورا فإن الصعوبة تنشأ عن تلك الوضعية، لكن ما ينبغي أن نؤكده هنا أن الإخوة مازو في فرنسا قد دافعوا عن التعويض عن ضرر الموت سواءا كانت الوفاة حينية فالميت مات بدينه الذي ترتب له عن الغير من أجل الخطأ العقدي الذي نتجت عنه الوفاة، كما أن القول بأن ذلك يعد قضاءا وقدرا لا يكون إلا في صورة الوفاة الطبيعية أما في صورة وجود مسؤول فلابد من مسائلته . لا يكفي أن تتوفر شروط المسؤولية العقدية المتمثلة في الخطأ العقدي والضرر حتى يتمكن الدائن من استحقاق التعويض، بل لابد من توفر رابطة سببية بين الخطأ والضرر

عن الكاتب

الذخيرة القانونية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الذخيرة القانونية