الذخيرة القانونية

موقع يتعلق بالقانون التونسي

random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

خصوصية العقوبة في الجريمة المستمرة

 

خصوصية العقوبة في الجريمة المستمرة

محمد على برهومي " الجريمة المستمرة " رسالة شهادة ختم الدروس بالمعهد الأعلى للقضاء



 

إن العقوبة هي ذلك الجزاء الذي يتم توقيعه على مرتكب الجريمة وذلك لمصلحة الهيئة الإجتماعية، وهي عبارة عن ألم يصيب الجاني جزاءا له عن مخالفته نهي القانون وأوامره، وفكرة الألم هذه لا تنفصل عن نظرية العقاب فهي التي تتميز بها العقوبة عن سائر الوسائل القسرية، وبذلك فإن العقوبة على هذا المستوي تختلف عن التدابير التي تتخذ قبل ارتكاب الجريمة لتفاديها أو لمنع وقوعها، كما تختلف عن التعويضات المدنية التي يراد من خلالها إصلاح الضرر الذي سببه الجاني من خلال اقترافه الجريمة .

والعقوبة في الجريمة بصفة عامة ليس الغرض منها إلحاق ألم بالجاني فحسب بقدر ما هي إصلاح له، وهي في هدفها النهائي هو حماية مصالح الجماعة وذلك من خلال توطيد النظام الإجتماعي، وهذا الغرض الأخير يختلف عن الأغراض المباشرة أي الآثار المترتبة عن العقوبة، وهي منع الجاني من العودة إلى ارتكاب الجريمة وهو ما يسمي بالحماية الخاصة ومنع الغير من الإقتداء به، وهو ما يسمي بالحماية العامة وهذين الأثرين يجب العمل على تحقيقهما وإدماجهما الواحد في الآخر بحيث لا تضحي الحماية الخاصة في سبيل الحماية العامة ولا الحماية العامة في سبيل الحماية الخاصة .

فالحماية الخاصة فينظر فيها إلى شخص الجاني وهي ترمى تبعا للنظرة السائدة في عصر وقوع الجريمة إما إلى ردع الجاني أو إلى إصلاحه.

أما الحماية العامة فينظر فيها إلى الجريمة أي إلى العمل المادي وما يسببه من ضرر وبالتالي النتائج التي تترتب عليه والتي يجب العمل على مقاومتها بفرض عقوبة من شأنها إجتثاث أسباب الجريمة.

والعقوبة بوصفها الوسيلة الرادعة للجاني لا اختلاف في كونها جزاء عن ارتكاب الفعل الغير المشروع وهذا ما تشترك فيه كل الجرائم مهما كانت طبيعتها لكن نجد في هذا المجال كذلك بعض الخصوصية التي تتميز بها الجريمة المستمرة خلافا للجرائم الأخرى.

فالعقوبة قبل أن تمر إلى مجال التطبيق يجب أن تكون مضمنة بنص قانوني محدد لها وذلك لأهميتها بكونها في الغالب تستهدف حقا مقدسا يطبع حياة البشر ألا وهو الحرية فبحكم القانون تقيد هاته الحرية لغاية أمن المجموعة بالأساس.

ومن هذا المنطلق فقد أحاط المشرع تطبيق النص الجزائي بضمانات عديدة وذلك من خلال المبادئ التي يجب إتباعها خاصة إذا صدر قانون جديد له علاقة بالعقوبة من حيث التخفيف أو التشديد، وعلى هذا الأساس فقد أقرت غالبية التشاريع الجزائية مبدأ عدم الرجعية.

 هذا المبدأ الذي برزت من خلاله بعض الخصوصية التي تتميز بها الجريمة المستمرة      ( المبحث الأول ).

وإضافة للخصوصية التي يمكن استخلاصها من خلال تطبيق النص الجزائي نجد كذلك خصوصية متعلقة أيضا بالجريمة المستمرة وذلك في مستوى تحديد العقوبة ( المبحث الثاني ).

 

المبحث الأول : الجريمة المستمرة ومبدأ عدم الرجعية

 

إن مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية هي قاعدة لم تكن معروفة في الشرائع القديمة بل قررتها الجمعية الدستورية في فرنسا لأول مرة في وثيقة إعلان حقوق الإنسان خاصة المادة السابعة منه، ثم تم التنصيص عليها بالمادة الرابعة من القانون الجنائي الفرنسي، وأهمية هذا المبدأ يتمثل في كونه يقع من خلاله الإنذار بالعقاب قبل إيقاعه.

ومبدأ عدم الرجعية هو عبارة على قاعدة عامة تشترك فيها جميع القوانين، وهي قاعدة تنطبق في المادة الجزائية كما تنطبق على القواعد المدنية غير أن هذا المبدأ في المادة الجزائية هو نتيجة لقاعدة أهم وهي قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات التي تبررها نفس الفكرة التي تقررت من أجلها هذه القاعدة.

ومبدأ عدم الرجعية نجد أساسه من خلال الدستور الذي نص على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في فصله 13 الذي بين بكون العقوبة لا تكون إلا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع وكذلك الفصل الأول من المجلة الجنائية والذي تحدث عن نفس المبدأ هذا المبدأ الذي نستشف منه أن الجاني الذي ارتكب فعلا في ظل قانون معين لا يمكن معاقبته إلا بمقتضى ذلك القانون وإذا صدر قانون جديد فإن ذلك الشخص ليس له علم به زمن الجريمة ولا مجال لانطباقه عليه.

لكن مبدأ عدم الرجعية له بعض الإستثناءات المتمثلة بالأساس في حالة صدور قانون يتضمن عقوبة أخف، ففي هذه الحالة فإن القانون الذي نص على العقوبة الجديدة وقبل صدور حكم بات في الجريمة يمكن أن يتمتع به الجاني.

إذن فمن نتائج مبدأ عدم رجعية النص الجزائي هو كون القانون ومن ورائه الهيئة القضائية لا يمكن لها أن تعاقب على أفعال ارتكبت في الماضي وهنا تبرز أهمية تطبيق هذا المبدأ على الجريمة المستمرة وذلك من خلال ما يكتنف هذا التطبيق من خصوصية ( فقرة أولى) لم تكن في منأى عن الجدل الفقهي ( الفقرة الثانية).

 

الفقرة الأولى : مدى تطبيق المبدأ

 

إن القاعدة هو كون القوانين الجنائية لا تسرى على الماضي فإذا صدر قانون يعاقب على فعل ما فلا يسوغ أن يؤاخذ به شخص ارتكب هذا الفعل من قبل صدوره، وتأسيسا على هذا الأصل فإن الفعل الحيني متى تم لا يسرى عليه القانون الجديد إذا صدر بعد وقوعه بعكس الجريمة المستمرة   التي يرى غالبية الفقهاء أن حكمه يطبق على الجاني الذي استمر في فعلته وما دام الوضع الإجرامي لم ينتهي في ظل القانون الجديد.

إذن فالقانون الجزائي الجديد كما يمكن أن يأتي متضمنا لعقوبة أشد(  (IIيمكن كذلك أن يتضمن عقوبة أخف .(I)

I - تطبيق العقوبة الأخف

إن في تطبيق النص الجزائي حالات يجب أخذها بعين الإعتبار وهي بالأساس كون الحكم الصادر في الجريمة لا يجب أن يكون باتا كذلك وجوب تعاقب للقوانين في ظل هاته الفترة وبهذا الخصوص يحصل التساؤل منذ البداية متى يعتبر القانون أخف للمتهم؟.

إن من الحالات التي يعتبر فيها القانون الجديد أخف على المتهم هو كون القانون الجديد ألغى الجريمة أو قضى بلا لزوم للعقاب عليها سواء بسبب صفة الفاعل أو المكان الذي ارتكب فيه أو قرر عذرا معفيا من العقاب، كذلك إذا أتى القانون باستبدال عقوبة جناية وخففها حتى أصبحت عقوبة جنحة أو كذلك استبدال الجنحة بعقوبة جنحة من مرتبة أقل واستبدال الحبس بالغرامة أو كذلك إذا كانت العقوبة القديمة هي السجن مع الغرامة فأصبحت بمقتضى القانون الجديد السجن أو الغرامة فقط، كذلك تعتبر العقوبة أخف إذا حذف القانون الجديد الحد الأدني الذي يبقي فيه النظر أكثر لوجدان القاضي، ولما كان القانون الجديد أصلح للمتهم فهو الواجب تطبيقه ما دام الحكم في الدعوى لم يصدر بصفة باتة.

 وتطبيق القانون الجزائي الأخف من حيث العقوبة عبارة عن استثناء لمبدأ عدم الرجعية ذلك أن الجريمة المستمرة التي تم تتبع الجاني من أجلها والتي انطلقت في ظل قانون قديم وقبل الحكم البات صدر قانون جديد أخف أو أصلح للمتهم فإن هذا القانون هو الذي يتم تطبيقه، ويكون بذلك بمثابة السريان الرجعي على الأفعال السابقة له والتي كانت موضع عقوبة أشد، ولقد رأى عديد الفقهاء أن هذا التمشي الذي درجت عليه أغلب القوانين هو     " أن المشرع إذا خفف العقوبة التي ألحقها بفعل أو ترك ما فما ذلك إلا لأنه قد قدر أن هذه العقوبة غير عادلة أو غير مفيدة أو زائدة عن الحد ولما كان حق العقوبة مبنيا على العدالة والمصلحة في آن واحد فلا محل لتوقيع عقوبة ظالمة أو غير مجدية أو قاسية" .

وعلى هذا الأساس فإن تطبيق القانون الأخف على الجريمة المستمرة قد أخذ وحدة الجريمة بعين الإعتبار ذلك أن الجزء الذي تم اقترافه في ظل القانون الأصلح حتى ولو كان قصيرا من حيث زمن الإقتراف فإنه شمل كذلك الجزء الأكبر المقترف في ظل القانون القديم الذي كان ينص على عقاب أشد.

وتطبيق النص الجزائي الأخف على الجريمة المستمرة يمثل في حد ذاته خصوصية تتميز بها هاته الجريمة مقارنة بالجريمة الحينية وذلك من خلال تطبيقه على جريمة ممتدة في الزمن يأخذ فيها الفعل المتواصل في ظل القانون الجديد دورا مهما في إضفاء العقوبة الأخف على ما سبقه، وذلك بخلاف الجريمة الحينية التي يطبق عليها القانون زمن اقترافها إلا بالطبع إذا لم يصدر حكم بات بشأنها وبعد صدور القانون الجديد.

أما في الجريمة المستمرة فإن حالة الإستمرارية لعبت دورا مهما في إضفاء العقاب الأخف على الجريمة ككل، وذلك بتواصل الفعل الإجرامي في ظل القانون الجديد مع ما سبقه من نفس الفعل في ظل القانون الأشد.

وعلى خلاف هذا الوضع فإن حالة الإستمرار لعبت دورا عكسيا عما تم التعرض إليه وذلك في صورة تواصل الفعل الإجرامي في ظل قانون يتضمن عقوبة أشد.

 

II - تطبيق العقوبة الأشد

إن القاعدة هو كون النص الجزائي لا يمكن أن يسرى على الماضي رغم بعض الإستثناءات التي تم التعرض إليها في العنوان السابق، لكن ما يمكن ملاحظته هو أنه بخصوص الجريمة المستمرة فإن النص الجديد يتم تطبيقه على الفعل المرتكب  في الماضي وتواصله في زمنه حتى ولو كان أشد، وبذلك فإنه لا يمكن اعتبار الفترة السابقة في كون الفعل ذاته كان يستوجب عقوبة أخف، وهنا فإن نتيجة ذلك هو كون المشرع استدرك فيما يخص بعض الجرائم وشدد في زجرها ذلك لما يمكن أن تمثله الأفعال التي تضمنتها من خطر أكبر لم يستنتجه المشرع إلا مؤخرا فتدخل بمقتضى القانون الجديد لاستدراك ذلك.

وعلى هذا الأساس فإن الجريمة المستمرة لو تواصل جزء من الفعل المكون لها في ظل القانون الجديد فإن العقاب يكون على أساس وحدة الجريمة برمتها ومعني ذلك أن هذا الجزء المقترف في زمن الجريمة يؤخذ بعين الإعتبار ويشمل ما سبقه ليتم تطبيق القانون الجزائي الأشد  .

وهنا يمكن القول بأن تطبيق العقوبة الأشد على الجريمة المستمرة هو بمثابة عقوبة تختزل عقوبة أخري، أي ما يمثله العقاب بخصوص الجريمة الموجودة زمن القانون الجديد الأشد وكذلك عقوبة التواصل التي يمكن القول في شأنها أنها عقوبة ضمنية وهذا القول يمكن استنتاجه رغم ما يعرض بخصوص وجوبية تطبيق النص الجزائي على الوضعيات الإجرامية الموجودة زمنه بصفة مباشرة.

وعلى هذا المعني فإن تطبيق العقوبة الأشد فيما يخص الجريمة المستمرة يختلف عما هو عليه الأمر في الجريمة الحينية، ذلك أن قاعدة عدم الرجعية تمنع انطباق القانون الجديد عليها إذا كانت مقترفة قبل صدوره ما لم يكن القانون الجديد أرفق بالمتهم  فالعقوبة الأشد لا يمكن أن تشمل جريمة حينية سابقة عن زمن صدورها .

ومن خلال هذا المنطلق يمكن استنتاج الخصوصية التي تتميز بها الجريمة المستمرة مقارنة بغيرها من الجرائم ذلك أن الإستمرار في الزمن له انعكاساته على هذه الجريمة إذ أن العقوبة ما يمكن قوله بكونها لا تشمل سوي ما كان في ظل القانون الجديد هو قول يمكن أن يكون مردودا ذلك أن الزمن بمقدر ما له من اعتبار في تكون الجريمة فإنه كذلك له اعتبار في تقدير العقوبة التي وضعها المشرع  و إن القول بالتغاضى عن الجزء الكبير من الجريمة المقترف في ظل القانون القديم لا يمكن الأخذ به نظرا لوحدة الجريمة وتواصلها.

وعلى أساس ما درج عليه بخصوص تطبيق العقوبة الأشد على الجريمة المستمرة المتواصلة زمن صدور القانون الجديد ظهرت عديد المواقف الفقهية التي برزت من خلال الجدل المتواصل حول تطبيق العقوبة الأشد على الجريمة المستمرة.

 

الفقرة الثانية : الجدل الفقهي المنبثق عن تطبيق المبدأ

 

إن مبدأ عدم الرجعية من خلال تطبيقه على الجريمة المستمرة ومن خلال الخصوصية التي خلقها فإنه يمكن القول وبالنظر للأفعال الإجرامية المتواصلة وتحقق الجريمة في كل لحظة من لحظاتها أن المبدأ في صورة انطباقه عليها يمثل في حد ذاته استثناء وذلك خاصة فيما يتعلق بانطباق القوانين الجديدة التي تضمنت عقوبة أشد وهذا ما فسح المجال للفقهاء لوضع المقارنات بين تطبيق هذا النوع من القوانين على الجريمة المستمرة وغيرها من الجرائم خاصة الحينية.

كما استخلص أغلبهم أن مبدأ عدم الرجعية لا ينطبق في الواقع على الجرائم المستمرة رغم ما يقال بكون القانون الجديد يطبق فقط بأثر مباشر على الحالة المستمرة زمنه.

وعلى هذا الأساس كانت عديد الأسباب التي تم التعريج على ذكرها هي المؤدية إلى وجود جدل فقهي فضلا عن عدم وجود استقرار فقه قضائي في هذا الإتجاه الشيء الذي أدي بعديد الفقهاء إلى اقتراح معايير لانطباق النصوص الجديدة التي تتضمن عقوبة أشد بخصوص الجريمة المستمرة، وتأسيسا على هذا كله فإن الجدل الحاصل بهذا الخصوص هو في حد ذاته يمثل خصوصية أخري للجريمة المستمرة.

وعلى هذا المعني فإنه يتجه لغاية معرفة كنه الجدل الفقهي بخصوص تطبيق مبدأ عدم الرجعية استعراض الإختلاف الفقهي الحاصل في هذا المجال(I) مع بسط بعض المعايير المقترحة (II).

 

 -Iاستعراض الإختلاف الفقهي

إن خصوصية الجريمة المستمرة وكون تواصلها في الزمن خلق جدلا في خصوص تطبيق النص الجزائي الجديد عليها وهذا الأمر لا يطرح مشكلة إذا كان القانون الجديد أقل شدة.

أما إذا كان القانون الجديد يرتب عقوبة أشد فإن الأمر يصبح مثار اختلاف بين الفقهاء الشيء الذي أصبح له انعكاسات بخصوص مدى انطباق مبدأ عدم الرجعية من أساسه، ورغم ما تم استعراضه في إطار الفقرة الأولى المتعلقة بتطبيق النص الجنائي الجديد على الجريمة المستمرة وإبراز ما درج عليه التطبيق في إطار التعامل مع مبدأ عدم الرجعية فإن الأمر يختلف في خصوص هذه الفقرة في جزئها الأول والتي اعتمد الجدل الفقهي والتداخل الفقه قضائي مناطا للحديث صلبها.

ومن هذا المنطلق فإن الجريمة المستمرة وحسب عديد الفقهاء فإنها تتحدد وتتحقق من خلال اللحظة التي تكون فيها جميع عناصرها قد اكتملت وتضافرت وحسب هذا الإتجاه فإنه لا مجال يذكر لتطبيق القانون المتضمن للعقوبة الأشد الذي يدخل حيز التنفيذ.

فبعد اجتماع جميع عناصر الجريمة المستمرة فالمجال يصبح غير ملائم لتطبيق هذا القانون على جريمة تحققت في الماضي وبالتالي يصبح الحديث جائز عن خرق لمبدأ عدم الرجعية في صورة خلاف ذلك.

ومن هذا المنطلق وحسب هذا الإتجاه فإن مبدأ عدم الرجعية يفرغ من معناه في مستوى تطبيقه على الجريمة المستمرة لأن المبدأ ذاته شهد استثناءا أول فيما يتعلق بتطبيق النص الجزائي المتضمن لعقوبة أخف، كذلك في صورة تطبيق القانون الأشد والذي يعود بأثر رجعي على جريمة تحققت في زمن سابق وفي هذا المجال نجد عديد الفقهاء ممن اعتنقوا هذا الإتجاه ومن بينهم الفقيه الإيطالي  sinscalco )  )الذي تحدث عن خرق مبدأ عدم الرجعية من خلال تطبيق القانون الأشد على الجريمة المستمرة كما ربط ذلك بوجوبية تعاقب القوانين وخضوع هذه الجريمة المكتملة للقانون الذي يحكمها زمن اكتمال عناصرها .

وبالتوازي مع هذا الإتجاه الفقهي نجد أن عديد الفقهاء الآخرين ذهبوا للقول بأن مبدأ عدم الرجعية يطبق على الجريمة المستمرة فيما يتعلق بالقوانين الجزائية الجديدة التي تشتمل على عقوبة أشد وذلك بالنظر إلى حالة الإستمرار الموجودة في ظله، خاصة وأن الفكرة عند هؤلاء أن الجريمة المستمرة تبقي متحققة في لحظة انتهاء حالة الإستمرار، وبذلك فهي لا تزال قائمة وعلى ضوء ذلك فلا مجال لاستبعاد تطبيق القانون عليها بأثره المباشر، وهذه الفكرة قم تم اعتناقها من قبل عديد الفقهاء خاصة في فرنسا ومنهم الأستاذان  "R.Vouin et.  Leauté 

ومن نتائج هذا الإتجاه هو أنه إذا تم تشديد العقاب بنص جديد فإن الفاعل يعاقب بالعقوبة الأشد مادام الإستمرار لم ينقطع قبل صدور القانون الجديد، لكن ما نلاحظه في بعض الحالات التطبيقية حصول تداخل في خصوص أي من القانونين يتم تطبيقه على الجريمة المستمرة، فأحيانا ما يتم التغاضي عن تطبيق القانون الجديد الموقع لعقوبة أشد وذلك لحساب القانون القديم الأخف ومثال ذلك الحالة التي ظهرت من خلال قضية عرضت على إحدى محاكم الجنايات بالقاهرة والتي أصدرت حكمها في خصوص جريمة مسك مخدرات تم ضبط كمية كبيرة منها لدى متهم وذلك بمدينة القاهر بتاريخ يوم 24 فيفري 1953 وكانت هذه الجريمة تقع تحت حكم القانون القديم لسنة 1928 وبعد أن تم تفتيش منزل المتهم الكائن بالإسكندرية في اليوم الذي يليه أي يوم 25 من نفس الشهر تم ضبط كمية أخرى من المخدرات غير تلك التي وجدت لديه في اليوم السابق، وهذا المسك الجديد تم في ظل قانون جديد يتضمن عقوبة أشد، فقضت محكمة الجنايات المذكورة في حق المتهم بالعقوبة الأشد، فطعن المحكوم ضده عن طريق النقض وقبلت محكمة النقض المصرية وبينت " بأن إحراز الطاعن لما ضبط معه في القاهرة يوم 24 فيفري 1953 وما ضبط معه في الإسكندرية  في اليوم التالي قد وقع في وقت واحد وان افترقا في وقت الضبط بسبب اختلاف المكان الذي ضبط فيه المخدر ومن ثم يكون الحاكم إذ أدان الطاعن بموجب القانون الجديد قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه ومعاقبته وفق قانون رقم 31 لسنة 1928" .

وفي هذا الإطار بينت محكمة النقض المصرية أن جريمة المسك وإن كانت جريمة مستمرة إلا أن حالة الإستمرار في واقعة الدعوى قد انتهت بضبط المتهم ومعه المخدر، أما تفتيش منزله في اليوم التالي فهو إجراء تحقيقي وهو يعد بذلك جزء من الواقعة الأصلية التي لا يمكن فصله عنها وعلى ذلك يعتبر ضبط المخدر في المرتين واقعة واحدة يحكمها القانون الذي كان ساريا وقت الضبط الأول .

وأمام التداخل الذي يمكن أن يحصل بخصوص تطبيق النص الجزائي الجديد المتضمن لعقوبة أشد وما لذلك من انعكاس على مبدأ عدم الرجعية فقد اقترح عديد الفقهاء بعض المعايير يمكن اتباعها لوضع أسس دقيقة تنتهج أثناء التطبيق ومراعاة لحالة الإستمرارية التي تتصف بها الجريمة المستمرة.

 

- II المعايير المقترحة

أمام الجدل الفقهي والتداخل الفقه قضائي بخصوص تطبيق النص الجديد على الجريمة المستمرة ومدى المساس بمبدأ عدم الرجعية بالنسبة للقوانين الجزائية ظهرت عديد الآراء التي كانت ترمي في معظمها على خلق معايير تتحقق من خلالها السهولة في تطبيق النص الجديد خاصة المتضمن لعقوبة أشد على الجريمة المستمرة وكذلك لتجنب الوقوع في مقولة التطبيق الرجعي للنص الجزائي ومخالفة المبدأ.

وباعتبار أن الجريمة المستمرة يلعب الزمن دورا كبيرا في تواصلها فإن هنالك من الفقهاء من اعتمد معيار بداية تحقق عناصر الجريمة كمعيار لتطبيق النص الجزائي وبذلك فإن النص الذي بدأت تتحقق في ظله الجريمة هو النص الواجب الإنطباق.

لكن هذا الرأي يمكن أن يحدث ازدواجية من حيث زجر الجرائم التي هي من نفس الصنف فبذلك يمكن أن نجد جريمة مستمرة تم الحكم فيها في نفس اليوم بعقوبة أخف حسب القانون الذي اقترفت في ظله وجريمة أخري من نفس الطبيعة يقع إصدار حكم أشد بشأن مرتكبها، وأساس ذلك فقط كون الجريمة التي اعتمد فيها النص الأخف قد تحققت في ظل قانون سابق رغم تواصل جزء منها في ظل القانون الجديد، والخلاصة من هذا الرأي عامة هو كونه لا يمكن القبول به منطقيا وذلك لإمكانية تسببه في تداخل أكبر وانعكاس سلبي على العدالة الجزائية.

وبالتوازي مع ذلك نجد بعض الفقهاء ومن بينهم الفقيه" Meyenne " قد اقترح معيار النسبية كوسيلة لإقصاء الجدل الحاصل بخصوص تطبيق النص الجزائي حيث بين أنه يجب تطبيق القانون الذي في إطاره تم اقتراف الجانب الأكبر من الجريمة .

لكن السؤال الذي يطرح في هذا الخصوص هو كيف يمكن معرفة في ظل أي قانون يتم اقتراف الجزء الأكبر من الجريمة المستمرة خاصة إذا كانت الجريمة واقعة في ظل عديد القوانين.

وأمام صعوبة تطبيق هذا المعيار المذكور وعدم منطقية الرأي الأول فقد ظهر إتجاه ثالث أخير أكثر اعتدالا وسهلا من حيث التطبيق في الواقع، ذلك أنه ذهب بالقول للأخذ بنهاية تحقق الجريمة المستمرة كمعيار يمكن من خلاله تطبيق النص الجزائي المتضمن لعقوبة أشد، وهنا وبرغم ما يظهر من مآخذ في كون القانون يطبق بأثر رجعي على الجزء السابق من الفعل الإجرامي فإن هذا الإتجاه دافع على وجوبية التطبيق المباشر للقانون الجزائي.

وبعد التعرض إلى الخصوصية التي يتصف بها انطباق مبدأ عدم الرجعية بالنسبة للجريمة المستمرة والتي انبثق عنها جدل فقهي إستمد بواعثه من طبيعة الجريمة وتواصلها في الزمن، نجد كذلك أن تقدير العقوبة في الجريمة المستمرة هو الآخر حري بالإهتمام لما يمثله من خصوصية ينفرد بها هذا النوع من الجرائم.

 

المبحث الثاني: خصوصية تقدير العقوبة في الجريمة المستمرة

 

إن العقوبة بصفة عامة تأخذ أساس تطبيقها من فداحة الجرم المرتكب وكذلك النص الجزائي الذي حددها، والعقوبة في مرماها تهدف إلى زجر المجرم الذي اقترف الفعل أو التزم الإمتناع المحضور، وهي كذلك مرحلة تأتي بعد ثبوت الإدانة الموجهة ضد المتهم وهي لا توقع على الجاني إلا على أساس حكم يصدر عن المحكمة المختصة التي تقرر فيه أن المتهم ارتكب الجريمة المنسوبة إليه، ومهمة القاضي الجزائي في هذا الخضم تتناول تحديد مسؤولية المتهم وهي أساس العقوبة وكذلك تعيين نوعها ومقدارها.

وقبل الخوض في الخصوصية التي تنفرد بها الجريمة المستمرة من حيث الزجر فإنه يتجه قبل كل شيء الإشارة إلى كون أسباب انقضاء أو سقوط العقوبة في الجريمة المستمرة هي نفسها كبقية الجرائم.

 والخصوصية المتعلقة بتقدير العقوبة في الجريمة المستمرة تأخذ مبعثها من حالة الإستمرار التي عليها الجريمة، هاته الحالة التي كان لها تأثير في مرحلة التكون والتتبع وكذلك مرحلة انطباق النص الجزائي.

وعلى أساس ذلك فإن الإستمرارية مثلت عنصرا تتحدد على ضوئه العقوبة في عديد الحالات التي يجدر الإهتمام بها لأنها تمثل الخصوصية المشار إليها والتي تنفرد بها الجريمة المستمرة، ومن هذا المنطلق فإن حالة الإستمرار اعتبرت في بعض الجرائم المستمرة عنصرا على ضوئه تتحدد العقوبة  ( الفقرة الثانية ) وهو كذلك مثل ظرف تشديد في نماذج أخري للجرائم المستمرة ( الفقرة الأولى ).

 

الفقرة الأولى : الإستمرارية كظرف تشديد للعقوبة

 

إن الجريمة المستمرة نظرا لطابعها المتواصل في الزمن فإن الجاني يكون خلالها يتمتع بإصرار أكبر على التمادى في فعله الإجرامي رغم إدراكه التام بمخالفته للقانون. وتأسيسا على ذلك فإن العقوبة في بعض الجرائم أخذت بعين الإعتبار هذا الإستمرار واعتبرته بمثابة ظرف للتشديد لا محيد عنه لغاية نجاعة الزجر.

وقد تمثلت الإستمرارية كظرف تشديد من خلال مظهرين : فالأول متعلق بالاستمرارية التي انبنت على تواصل اقتراف جريمة هي في الأصل حينية وهو ما يمكن التعبير عنه بتحول الجريمة ( I ) والمظهر الثاني متعلق بحالة الإستمرار التي تكون عليها الجريمة المستمرة ذاتها والتي تتواصل أكثر من اللازم و التي يمكن التعبير عنها بحالة تمادى الإستمرار .(II)

 

 -I في حالة تحول الجريمة

إن الأصل في هذه الصورة اقتراف الفعل بصفة حينية وهو بالتالي يستوجب العقوبة اللازمة له منذ لحظة إقترافه، لكن في بعض الحالات فإن طبيعة اقتراف الجريمة الحينية المتحدث عنها في هذا الإطار يمكن أن تكون سببا للإستمرار في الزمن ومثال ذلك جريمة القتل التي تتم بواسطة وضع جرعات صغيرة من السم يوميا في طعام المجني  عليه والتي لا تكون الواحدة منها قاتلة إلا إذا وصلت في مجموعها إلى نسبة معينة وتكون في تلك اللحظة الأخيرة الوفاة التي كانت ناتجة عن تراكم جميع جرعات السّم في دم القتيل، لكن العقوبة لهذا النوع من الإستمرار الحاصل للجريمة الحينية في الأصل لا تختلف عن عقوبة جريمة القتل ولا تعتبر الإستمرارية ظرف تشديد، وعلى خلاف ذلك فإن المشرع في بعض الحالات يعتبر الاستمرارية ظرف تشدد من خلاله العقوبة مما يمكن الحديث تبعا لذلك عن جريمة مستمرة مستقلة عن الجريمة الأولى التي هي دائما حينية وذلك خاصة إذا بقيت هذه الأخيرة مجرمة من قبل بمجرد اقترافها بغض النظر عن الإستمرار الذي يمثل بالنسبة لها تحولا إلى جريمة مستمرة يلعب فيها الإستمرار ظرف تشديد بالمقارنة مع الجريمة المنبثقة عنها.

وكمثال على ما سبق التعرض إليه يمكن استعراض ما جاء بالفصل 73 من مجلة الصحافة والذي نص على عقوبة السجن والخطية لكل من استمر على نشر دورية تم توقيف نشرها بموجب حكم قضائي وذلك لما مثله صدورها من تعكير" لصفو الأمن العام " وكذلك لحالات خاصة أخرى نصت عليها المجلة .

وقد بين ذات الفصل القانوني أن الإستمرارية تكون متوفرة ولو صدرت الدورية تحت عنوان غير عنوانها الأصلي مع التحقق من خلال بعض القرائن على كون تلك النشرية هي في الحقيقة استمرار للنشرية المعطلة.

وفي هذا الإطار فإن المشرع جعل الإستمرار على نشر الدورية الممنوعة جنحة مستمرة تستدعي معاقبة الشخص المسؤول عن إصدارها بالسجن وبالخطية.

ومما تجدر الإشارة إليه هو أن النشر المتحدث عنه والمتعلق بأحد الأعداد يمكن ترتيب جزاء له يتمثل في حجز ذلك العدد مع إمكانية توقيف نشر الدورية في صور أخرى لمدة أطول بغض النظر عن الحجز ويكون ذلك عن طريق المحكمة .

وهنا يتضح أن الجريمة هي في الأصل حينية، وحالة الإستمرار على مخالفة قرار التوقيف ينتج عنه تحول الفعل إلى جريمة مستمرة تتطلب حالة الاستمرار فيها تشديد العقوبة.

كذلك ما جاء بالفصل 112 م ج الذي يجرم ممارسة الوظائف العمومية بصفة غير شرعية وذلك باستمرار الموظف على المباشرة رغما عن إعلامه رسميا بقرار الفصل ، وهو ما يمثل شكلا من أشكال تجاوز السلطة الذي يمكن أن يمارس ضد الإدارة نفسها  ، وتمثل فيه حالة الإستمرار ظرف تشديد وذلك بعد قرار الفصل عن الوظيفة المتخذ في حق الموظف، ومواصلة القيام بالوظيفة يجعل المتهم عرضة لعقاب أشدّ من فصله عن العمل والذي يتمثل في السجن والخطية.

وبالتوازي مع حالة التحول التي يمكن أن تشهده الجريمة الحينية وانبثاق جريمة مستمرة عنها يأخذ فيها الإستمرار ظرف تشديد، نجد كذلك أن هذا العنصر المميز للجريمة المستمرة يلعب نفس الدور في بعض الجرائم المستمرة بطبيعتها وذلك من خلال تمادى حالة الإستمرار.

 

 - II في حالة تمادي الإستمرار

إن تواصل الإستمرار يمثل في حد ذاته عنصرا آخر يكون سببا لتشديد العقوبة في الجريمة المستمرة بطبيعتها.

والإستمرار باعتباره ظرف تشديد في هذا النوع من الجرائم يمثل في حد ذاته خصوصية تنفرد بها الجريمة المستمرة بالنظر إلى غيرها من الجرائم، لكن هذه الخصوصية لا تطبع جميع الجرائم المستمرة بل عددا ضئيلا منها فقط، والتي يظهر من خلالها موقف المشرع المتجه إلى ردع الفعل الإجرامي في أقصر وقت وذلك لما يمثله من مساس بوضعيات  يجب أن تكون في الأصل مستقرة، وكمثال على ذلك ما يمكن إستخلاصه من أحكام الفصل 36 من قانون الحالة المدنية  الذي يجرم الزواج على خلاف الصيغ القانونية، هذا الفعل الذي يمثل جريمة مستمرة بطبيعتها وقد رتب عليها المشرع عقابا بالسجن يصل إلى ثلاثة أشهر مع إبطال الزواج، وفي حالة الإستمرار على المعاشرة بعد إبطال الزواج الواقع خلافا  للصيغ القانونية فإن العقاب يتضاعف ويصبح ستة أشهر مع إقصاء التمتع بظروف التخفيف الواردة بالفصل 53 م ج.

كذلك الشأن بالنسبة لاستئناف المعاشرة بعد التصريح بفساد الزواج الذي اختل لسبب يمس جوهر العقد أو انعقد بدون مراعاة بعض أحكام القانون ، ففي هذا الإطار فالإستمرار على المعاشرة يمثل حالة إجرامية متواصلة رغم ترتيب المشرع جزاءا وهو إبطال الزواج الفاسد .

وفي الأصل فإن الفعل يمثل جريمة مستمرة خاصة إذا كان الزوجين عالمين بأسباب فساد زواجهما، وهذا العلم يتأكد أكثر خاصة إذا صدر الحكم القاضي بإبطال الزواج المبرم، وهذا الإبطال هو بمثابة الجزاء عن علاقة الزواج الفاسد، وتكون العقوبة أشد إذا استمرت المعاشرة بعد ذلك، وفي هذا الإطار مثل كذلك التمادي في الإستمرار ظرف تشديد.

والغاية التي يهدف إليها المشرع من اعتبار الإستمرار ظرف تشديد في مثل هاته الحالات هو حرصه على استقرار الوضعيات الإجتماعية وذلك اعتبارا لدور الزواج وانعكاساته على الأسرة والمجتمع ككل.

وكما مثل عنصر الإستمرار ظرف تشديد في بعض الجرائم المستمرة فإن العنصر ذاته مثل في حالات أخرى كمحدد للعقاب.

 

الفقرة الثانية : الإستمرار عنصر محدد للعقاب

 

إن التمادي في اقتراف الجريمة المستمرة مثل عنصرا مهما في بعض الجرائم يحدد من خلاله العقاب المستوجب، إذ أن حالة الإستمرار على الجريمة تدل على الإستهتار وتعاقب النشاط الإجرامي فيطول الضرر الذي يلحق المجني عليه أو المجتمع من ارتكابه وعلى هذا الأساس حددت بعض القوانين العقاب تبعا لطول مدة الإستمرار .

ومن الأمثلة على ذلك ما جاء بخصوص جريمة حبس الأشخاص دون إذن قانوني موضوع الفصل 250 م ج والذي رتب على الجاني عقابا لمدة عشرة سنوات سجنا، وفي هذه الجريمة المتحدث عنها فإن الإستمرار على اقتراف الفعل الإجرامي أهمية كبرى في تحديد العقوبة، من ذلك ما جاء بالفصل 252 م ج الذي يبين أن العقوبة تتراوح بين عامين و خمسة أعوام عوضا عن العقوبة المستوجبة بالفصل 250 م ج وذلك إذا وقع إطلاق سراح المجني عليه قبل مضي اليوم الخامس من حصره.

كما أن المشرع تعرض لحالات خاصة جاءت مضمنة بالفصل 251 م ج يكون فيها العقاب عن الحبس دون إذن قانوني السجن بقية العمر وذلك إذا تجاوز الحبس مدة الشهر.

كما تتجه الإشارة إلى أن قطع حالة الإستمرار والتي لها انعكاس على تحديد العقاب يجب أن تتم من قبل الجاني ذاته ذلك أنه لا اعتبار بالحالات التي يقوم فيها شخص أجنبي بإطلاق سراح المجني عليه .

وبالنظر للقانون المقارن نجد كذلك المشرع الفرنسي من خلال الفصل 341 م ج ف ق والذي يقابله الفصل 1-224 م ج ف ج قد تعرض إلى جريمة الحبس دون إذن قانوني وقد رتب عليها عقابا يأخذ بعين الإعتبار حالة الإستمرار من عدمها .

والقانون من خلال استمرار جريمة الحبس الغير مشروعة يقيس في الغالب العقاب على نسبة طول أمد الفعل الإجرامي .

واتخاذ الاستمرارية كعنصر محدد للعقاب في مثل هاته الجرائم الغاية منه جعل الجاني على بينة من مدى جسامة الفعل الذي يمكن أن يتمادى في ارتكابه وذلك لما له من انعكاس سلبي على الحرية الذاتية للأشخاص.

 

 

 

 

 

 

 

 

عن الكاتب

الذخيرة القانونية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الذخيرة القانونية