الذخيرة القانونية

موقع يتعلق بالقانون التونسي

random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

جريمة الزنا في القانون التونسي منقول من صفحة نافذة على القانون



جريمة الزنا في القانون التونسي

ان من اهم اركان جريمة الزنا في الفقه الاسلامي
 ضرورة حصول وطء طبيعي محرم.

أما الامام الشافعي فقد أضاف للوطء ضرورة القصد الجنائي المتمثل بالنسبة للشريك في علمه 

بحالة زواج من شاركه الجرم.

في القانون الوضعي التونسي اقتضى الفصل 236 (نقح بالقانون عدد 1 لسنة 1968 المؤرخ في 8 مارس 1968) ” زنا الزوج أو الزوجة يعاقب عنه بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسمائة دينار.

 
لا يسوغ التتبع إلا بطلب من الزوج أو الزوجة الذين لهما وحدهما الحق في إيقاف التتبع أو إيقاف تنفيذ العقاب. وإذا ارتكب الزنا بمحل الزوجية فـلا تنطبق أحكام الفصـل 53 من هذا القانون. والشريك يعاقب بنفس العقاب المقرّر للزوجة أو الزوج المرتكب للجريمة.”

 حددت محكمة التعقيب ، قبل تنقيح الفصل 236 ، في قرارها عدد 3150 المؤرخ في  8 اكتوبر 1964 أركان جريمة الزنا فكانت مطابقة للفقه الاسلامي فقد جاء في حيثيات القرار: “حيث ان جريمة الزنا لا تتوفر الا بالشروط الآتية : وقوع الوطء (الايلاج) حال قيام الزوجية مع القصد الجنائي.”

اختفى شرط الوطء من الفصل 236 الجديد بعد تنقيح مارس 8 مارس 1968:

 جزائي عدد 3482 مؤرخ فى 14/01/1980 –” مجرد الاتصال لجنسي تتم به جريمة الزنا ولو بمجرد الدلك فلا يشترط الايلاج.”

وكذلك جزائي عدد 4520 مؤرخ فى 29/10/1980 – “تتم جريمة الزنا بمجرد اتصال جنسي ولو مع حائل خفيف او بدون انتشار” .

من الغريب انه بالاطلاع على وقائع القرار الاخير يتضح ان الزنا تم بين الزوجة وشريكها وهي لم تتجرد من ثيابها ؟ !! وهو ما عبرت عنه محكمة التعقيب بوجود “حائل”  ولو انها اعتبرته خفيفا ولم ينفع عدم “انتشار ذكر الزاني”  لعدم حصول اللذة من توفر اركان جريمة الزنا حسب الفصل 236 جديد من المجلة الجزائية.

 اختفي شرط الايلاج من العناصر المكونة لجريمة الزنا واصبحت محكمة التعقيب تتحدث عن “الخطيئة” وهو لفظ غير قانوني ودلالته دينية واخلاقية واصبحت تتحدث عن “وضع مستراب” وهو وضع كما يدل عليه نعته لا يفيد الجزم واليقين بل يحيط به الشك والريبة و اصبحت تتحدث عن “علاقة فاجرة” وهو أيضا وصف اخلاقي غير قانوني.

جزائي عدد 9637 مؤرخ في 13/06/1984 – درج فقه القضاء على اعتبار وسيلة اثبات دعوى الزنا اما بالإقرار الصحيح المدعم أو بضبط الجانبين يمارسان الخطيئة أو وجودهما في وضع مستراب أو في حالة دالة على قيام العلاقة الفاجرة بينهما.”

ان اختفاء عنصر الايلاج من العناصر المكونة لجريمة الزنا كان له تأثيره على مسألة اثبات الجريمة حيث لم يحدد الفصل 236 جديد من المجلة الجنائية مسألة اثبات جريمة الزنا واصبح ثبوت الجريمة من عدمه موكول لاجتهاد القاضي المطلق واقتناع وجدانه بحسب ما توفر له من ادلة في الملف.

لم يقتصر تأثير اختفاء عنصر الايلاج من بين العناصر المكونة لجريمة الزنا على مسألة الاثبات فحسب بل امتد لسبب تجريم الفعلة ومقصد المشرع من ذلك.

ان تحريم الزنا في الفقه الاسلامي مبناه المحافظة على صحة النسب لذلك اشترط الفقهاء الايلاج، ولو لم يشترط الفقهاء  الانتشار والانزال ،  كعنصر اساسي لا تتكون بدونه الجريمة  حرصا من  الفقه والشريعة الاسلامية على صحة النسب لما له من تأثير على قواعد  الميراث حيث لا يرث ابن الزنا من ابيه ولا من سلالة ابيه…

اما بالنسبة للقانون الوضعي التونسي فان تجريم الفعلة تجاوز المحافظة على صحة النسب الى المحافظة على العلاقة الزوجية وقد جاء ذلك صراحة في قرار محكمة التعقيب المشار اليه اعلاه عدد 4520 المؤرخ في 29 اكتوبر 1980 ” ان جريمة الزنا تتم بالاتصال الجنسي التام بين الزانية والزاني ولو بحالة يستحيل معها الحمل او وقع الاتصال بدون انتشار او بحائل خفيف لا يمنع اللذة اذ ليس الغرض من العقاب منع اختلاط الانسان بل صيانة حرمة الزواج وهو ما ذهب اليه شراح القانون و يتفق مع المعني اللغوي لكلمة زنا الذي هو مطلق الفجور.”

  نُقح الفصل 236 من المجلة الجنائية بالقانون عدد 1 لسنة 1968 المؤرخ في 8 مارس 1968 وقد تضمن هذا القانون فصلين الاول تعلق بتنقيح الفصل 231 من المجلة الجزائية  الخاص بجريمة تعاطي الخناء والثاني تعلق بتنقيح الفصل 236 من المجلة الجزائية الخاص بجريمة الزنا.

ليس من باب الصدفة ان ينقح الفصلان بنفس القانون وفي نفس اليوم وذلك لارتباط الجريمتين وتداخلهما. فماذا لو كان للزوجة الزانية أكثر من شريك او كانت تتعاطى البغاء فهل تعتبر مرتكبة لجريمة الزنا او لجريمة تعاطي البغاء ؟

فرق المشرع التونسي الحريص في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة على حماية المرأة وحقوقها،  ولا ننسى ان التنقيح كان سنة 1968 وقد انتشرت في فرنسا في تلك الحقبة أراء وتوجهات لا شك ان تأثيرها طال النخبة الحاكمة في تونس التي كانت شديدة الحساسية لكل ما يحدث  في فرنسا.

قلنا حاول المشرع التفريق بين حالتين مختلفتين لزنا الزوجة:

الحالة الاولي ان يكون للزوجة شريك واحد او عشيق واحد تواترت علاقتها به نتيجة ما استقر بينهما من حب وعشق وهيام.
الحالة الثانية حالة الزوجة التي يكون لها اكثر من شريك و اكثر من رجل وهي حالة الزوجة “الفاجرة” المتعاطية للخناء وللبغاء السري.
حاول المشرع التفريق بين الحالتين فشدد على الزوجة “الفاجرة” المتعاطية للبغاء السري وشدد العقاب على شريكها فالزوجة المتعاطية للبغاء السري لا ينفعها سكوت ولا موافقة زوجها ولا اسقاطه لدعواه  من تتبعها جزائيا.

“جزائي عدد 10109 مؤرخ فى 20/10/1975 اذا ثبت من اوراق القضية ان الزوج كان على علم تام من زنا زوجته التى تزوج بها زواجا صوريا (حتى انه لم يواقعها قط) فان رضاءه هذا

لا يحول دون تتبع الزانية و شريكها من اجل البغاء السري.”

وفي المقابل  فان الزوجة الزانية مع شريك واحد، او عشيق واحد،  لا تنطلق ضدها الدعوى الا بطلب من الزوج بل ان الشريك، مع علمه بحالة زواج عشيقته، ينتفع هو أيضا بعدول الزوج عن التتبع   جزائي عدد 54502 مؤرخ في 09/02/1995 1) لئن اشترط الفصل 236 من م ج لقيام جريمة الزنا وتبعا لذلك قيام جريمة المشاركة في ذلك طبق الفصلين 32 و 236 من المجلة الجنائية قيام العلاقة  الزوجية غير أنه استثنى التتبع من مبدأ القاعدة العامة المخولة للنيابة العمومية وحصره بيد الزوج المتضرر فيستحيل بذلك قيام هاته الجريمة إزاء الفاعل الأصلي أو الشريك في حالة عدول الزوج المتضرر عن التتبع. و اذا صدر اسقاط عن الزوج في حق زوجته بعد اثارته للدعوى في الزنا فان هذا الاسقاط ينتفع به ايضا الشريك.

جزائي عدد 12351 مؤرخ في 09/10/1985 – الاسقاط في جريمة الزنا يترتب عنه وجوبا ايقاف التتبع في حق الفاعل الأصلي و الشريك و انقراض الدعوى العمومية..

 الا ان صعوبات اعترضت تطبيق الفصلين 231 و 236 من المجلة الجزائية فالفصل 231 من المجلة الجزائية اعتبر توفر اركان جريمة تعاطي البغاء ولو عرضت المرأة نفسها بالإشارة او  انها تعاطت الخناء مرة واحدة بوجه الصدفة وبدون تعود وهو ما يصعب معه التفريق بين تعاطيها  الخناء  “صدفة”  وبين اقامتها لعلاقة حب وهيام مع شريك واحد وهي الحالة التي اراد المشرع التسامح في شأنها.

كما ان صعوبات اثيرت حول المقابل الذي حصلته المرأة من “تعاطيها للخناء” صدفة”   فهل ان مجرد استضافة في مطعم او استهلاك مشروب من المبردات يعتبر مقابل يجيز التتبع من اجل جريمة تعاطي الخناء “صدفة” ؟ وماذا لو اراد الزوج التغاضي والتسامح فهل تعتبر الفعلة من باب الزنا فتنتفع الزوجة بتسامح زوجها وتفهمه ام هل تتمسك النيابة بحقها في التتبع من أجل تعاطي الخناء  ؟.

جزائي عدد 15255 مؤرخ في 05/01/1988 – ان مواقعة انثى لقاء بعض المأكولات والمشروبات بدون مقابل مالي لا تتكون معه جريمة البغاء السري على معنى الفصل 231 من القانون الجنائي لان عنصر المقابل مفقود.

اما في خصوص تعاطي البغاء “صدفة” فقد حاول فقه القضاء “اصلاح” النص بان اشترط التعود لقيام جريمة تعاطي الخناء

جنائي عدد 7509 مؤرخ فى 21/12/1970 – الفصل 231 جنائى ( جديد ) انما ينطبق على الفاجرة التى اعتادت بيع عرضها لعدد غير معين من الرجال وفي مقابل

– يكون غير قائم على اساس من القانون الحكم الذى لم يستظهر تلك الاركان لقيام الجريمة.

كما ان فقه القضاء فرق بين سبب تجريم تعاطي الخناء  و سبب تجريم الزنا فاذا كان التجريم الثاني لحماية الزواج فان التجريم الاول مبناه صيانة الاخلاق العامة.

جزائي عدد 7273 مؤرخ فى 08/05/1972 – ان العرض الذى جاء بعقاب مرتكبه الفصل 231 من ق ج هو كل فعل تقوم به المرأة من شأنه ان يدل دلالة قاطعة على استعدادها لتمكين الغير منها.

 – وان القصد من هذا النص هو حماية الاخلاق والآداب العامة و المحافظة على الهيكل الاجتماعى صيانة  للأخلاق.

الا ان محكمة التعقيب عادت سنة 1991 لتؤكد ان تعاطي الخناء ولو “صدفة” موجب للعقاب ولو بدون مقابل

جزائي عدد 30735 مؤرخ فى 27/03/1991 إن الفصل 231 من المجلة الجنائية لا يشير إطلاقا إلى المقابل المادي المقبوض أو المدفوع كما أنه صريح في اعتبار تهمة الخناء  ثابتة حتي في حق النساء اللاتي يتعاطين الخناء و لو صدفة. و ذلك فإنّ شرط تعدد بيع العرض و قبض المال كمقابل لا يجد ما يبرره بالفصل المذكور.

وفي سنة 1994

جزائي عدد 43753 مؤرخ فى 19/09/1994 إن المشرع لم يشترط توفر ركن التعود لقيام جريمة تعاطي البغاء السري بدليل أن النص الوارد بعقاب هذه الجريمة قد شمل النساء اللاتي يتعاطين البغاء  ولو صدفة حسب منطوق الفصل 231 من المجلة الجنائية

ثم نقضت محكمة التعقيب نفسها بنفسها واشترطت سنة 1998 التعود باعتبار ان المشرع قصد بالفصل 231 النساء اللاتي يمتهن تعاطي الخناء مما يفترض التعود و المقابل

جزائي عدد 76182 مؤرخ فى 22/01/1998 – يفهم من الفصل 231 من المجلة الجنائية ان النساء المعنيات بالأمر هنّ اللاتي في غير الصور المنصوص عليها بالتراتيب الجاري بها العمل يعرضن  انفسهن بالإشارة أو بالقبول أو يتعاطين الخناء و لو صدفة و معنى ذلك انه يتحدث عن النساء اللات يتعاطين الخناء كمهنة و بالتالي بمقابل و لكن خلافا للتراتيب الجاري بها العمل .

واخيرا وسنة 2006 عادت محكمة التعقيب الى عدم اشتراط المقابل ولا التعود لقيام جريمة تعاطي البغاء

جزائي عدد 12526 مؤرخ فى 01/03/2006 إن الفصل 231 من المجلة الجزائية لا يشير إطلاقا للمقابل المالي في جريمة تعاطي الخناء وأنه صريح في اعتبار تهمة الخناء ثابتة حتى في حق النساء اللاتي تتعاطين الخناء ولو صدفة ولذلك فإن شرط تعدّد بيع العرض وقبض المال كمقابل لا يجد له أساسا في الفصل المذكور وتكون المحكمة قد أساءت فهمه وعرّضت حكمها للنقض

جملة القول ان تضارب مواقف فقه القضاء التونسي في جريمة تعاطي البغاء، ومسؤولية المشرع في ذلك واضحة في عدم بيان اركان الجريمة ولا شروط توفرها، كان له تأثيره على جريمة الزنا بحيث قد يرضي الزوج بسلوك زوجته او يتغاضى ويتسامح في شانه ولا ترضي النيابة التي تبقي لنفسها الحق في تكييف العلاقة طبق الفصل 231 من المجلة الجنائية بوصفها علاقة بغاء وخناء حدثت صدفة وبدون مقابل تستوجب العقاب لا ينفع معها اسقاط الزوج لدعواه.

بل ان “الضرر” امتد الى المجال المدني حيث اصبح “الضرر” في دعوى الطلاق من اجل الزنا مستقل عن اثبات الزنا جزائيا بل ان “سلوك الزوجة المشين” يكفي لقيام “قرينة الزنا” ضدها

مدني عدد 6707 مؤرخ فى 12/01/2006 إن الضرر المنتقد من سلوك الزوجة المشين تجاه زوجها لا يقتصر على الزنا الذي يتطلب إثباته تجاوز عدة صعوبات بل إن تعمّد الزوجة

 مغادرة محل الزوجية في أوقات مسترابة وركوب سيارات أشخاص غرباء في ساعات متأخرة من الليل وإجراء المكالمات الهاتفية المتعدّدة خلال فترات مختلفة أحيانا من نفس اليوم حسب كشوفات

 المكالمات المظروفة بالملف ولمدة طويلة يشكّل إخلالا واضحا من الزوجة بشرف وسمعة زوجها واستهتارا بالقيم الإجتماعية.

ان هذا القرار يشبه اختبار البطة فاذا شاهدت طائرا يشبه البطة ورايته يسبح مثل البطة وله صوت كصوت البط فانه لا شك بطة. الا ان لا احد يعلم ان كانت البطة حقيقة ام انها مجرد لعبة من البلاستيك فلا تبنى الاحكام على الظن والتخمين ولكن على الجزم واليقين.

ان المشرع التونسي الذي حاول النأي بنفسه عن المفهوم الفقهي للزنا احدث جريمة أشد فجريمة الزنا في الفقه لا تتكون ان كانت العلاقة في حدود المداعبة والتلامس ولكنها تتوفر في مفهوم الفصل 236 من المجلة الجزائية وقد تتحول الى جريمة تعاطي الخناء  لا ينفع معها الزوجة  رضي زوجها ولا تسامحه ولا اسقاطه لدعواه.
منقول من صفحة نافذة على القانون 

عن الكاتب

الذخيرة القانونية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الذخيرة القانونية