الذخيرة القانونية

موقع يتعلق بالقانون التونسي

random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

ميدان الحماية القانونية والقضائية للتونسيين بالخارج:الـقــــانـــون الداخـــلـــــي

ميدان الحماية القانونية والقضائية للتونسيين بالخارج:الـقــــانـــون الداخـــلـــــي 
إن المشرع التونسي عمل على تنظيم العلاقات ومنح الحقوق والالتزام بالواجبات ولم يستثن في ذلك المواطنين خارج الوطن فحقوق الإنسان واحدة لا ميز فيها. فضلا عن أنّ حماية التونسي لا تقتصر على حدود الوطن.

وقد تجسمت حماية التونسي بالخارج في الدستور التونسي باعتباره أعلى نص قانوني في البلاد يتنزل في أعلى موقع في الهيكل القانوني للدولة ومنه تستمد دواليبها وسلطاتها ومشروعيتها، وهو الذي يضبط المؤسسات التي يخول لها صلوحية سن القوانين ([1]) فقد نص في فصله 7 أنه " يتمتّع المواطن بحقوقه كاملة بالطرق والشروط المبينة بالقانون. ولا يحّد من هذه الحقوق إلا بقانون يتخذ لاحترام حقوق الغير ولصالح الأمن العام والدفاع الوطني ولازدهار الاقتصاد وللنهوض الاجتماعي ".


كما ضمن الدستور حرية التنقل واختيار مقر الإقامة فقد جاء بالفصل 10 منه أن " لكل مواطن حرية التنقل داخل البلاد وإلى خارجها واختيار مقر إقامته في حدود    القانون ".

كما نص الفصل 11 من الدستور على أنه " يحجرّ تغريب المواطن عن تراب الوطن أو منعه من العودة إليه ".
علاوة على الدستور نجد عديد النصوص القانونية التي تحمى حقوق التونسي بالخارج. ومن أهم هذه النصوص : مجلة القانون الدولي الخاص، الصادرة بالقانون عدد 97 لسنة 1998 المؤرخ في 27 نوفمبر 1998 وهي التي تنظم العلاقات القانونية المدنية والتجارية التي لها صلة بنظام قانوني أو عدة أنظمة قانونية عبر النظام القانوني التونسي وتعتني هذه المجلة ببيان الحالات التي تكون فيها المحاكم التونسية مختصة بالنظر في هذا النوع من العلاقات والحالات التي تكون فيها غير مختصة بالنظر فيها وضبط شروط تنفيذ الأحكام والقرارات الأجنبية وبيان آثارها بتونس وكيفية تحديد القانون المنطبق على هذا النوع من العلاقات. كما بيّنت القانون المنطبق على الحقوق المتعلقة بالأحوال الشخصية وذلك فيما يتعلق بحقوق الأشخاص وحقوق العائلة والمواريث والأموال وبينت كذلك القانون المنطبق على الالتزامات.

كما جاءت مجلة الجنسية الصادرة في 28 فيفري 1963 بعديد الأحكام الحامية للمواطن التونسي في الخارج وأهم ما تمتاز به هذه المجلة هو اعتمادها في إسناد الجنسية على مبدأين اثنين هما. حق الدم وحق التراب. فاعتبر تونسيا كل من ولد من أب تونسي بصرف النظر عن جنسية الأم وموطن الولادة.

واعتبر تونسيا كل من ولد بتونس وكان أبوه وجده مولودين بها بصرف النظر عن جنسية الأب أو الجدّ وجمع بين حق الدم وحق التراب بالنسبة لمن ولد بتونس من أم تونسية وهكذا جاء هذا القانون شاملا وممكنا لجميع التونسيين يخول لهم الاحتفاظ بجنسيتهم رغم جميع الظروف التي قد تحيط بإقامتهم أو بموطن ولادتهم أو بزواجهم كما ضم لصفوفه عددا من التونسيين كانوا يعتبرون في ظل التشاريع السابقة غير تونسيين.

كما جاءت مجلة الإجراءات الجزائية الصادرة بالقانون عدد 23 لسنة 1968 المؤرخ في 24 جويلية 1968 بحماية للتونسي في الخارج مهما كان متهما أو متضررا فخولت تتبع كل من يعتدي على تونسي خارج البلاد أو ما يعرّضه لشكل من أشكال التعسف والعنصرية إذا لم يلق الإنصاف اللازم في بلد الإقامة فإن القانون التونسي يوفر الضمانات الضرورية لحماية حرمة الأفراد وحريتهم وحقوقهم في كل مكان يأويهم.

كذلك بالنسبة لقانون الحالة المدنية المؤرخ في غرة أوت 1957 فإنه أجاز للمقيمين بالخارج إبرام عقود زواجهم طبق قوانين البلد الذي يقيمون به.
فقد جاء بالفصل 31 " ويبرم عقد زواج التونسي بالخارج أمام الأعوان السلك الديبلوماسي أو القنصلي التونسي أو يبرم العقد طبق قوانين البلاد التي يتم فيها. وفضلا على ما توفرّه الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من حماية للتونسيين بالخارج فإن مبدأ المعاملة بالمثل يقوم أساسا إضافيا لتكريس هذه الحماية وتوسيع نطاقها.



 

المبحث الثــــالث : مبــدأ المعـــاملــة بـــالمثـــل


وهو من المبادئ المتبعة في التنظيم الفني لمركز الأجانب يقضي بالتسوية بين الوطنيين والأجانب في نطاق الحقوق الخاصة أو المدنية وهذا ما يسمّى بمبدأ تشبه الأجانب بالوطنين وقد لقي هذا المبدأ تأييدا لدى كثير من الشرائح.

وتجري كثير من التشريعات والمعاهدات كذلك على اشتراط المعاملة بالمثل لتمتّع الأجنبي بحق معين أو بحقوق معينة وهو ما يعرف بشرط التبادل.

وللتبادل أشكال مختلفة فهو ينقسم من حيث مصدر تقريره إلى تبادل ديبلوماسي وتبادل تشريعي وتبادل فعلي.

* أما التبادل الديبلوماسي (Réciprocité diplomatique) فهو الذي يتقرّر بموجب نص في معاهدة ومن هذا القبيل ما تقضى به المادة 11 من القانون المدني الفرنسي من أنه يشترط لتمتع الأجنبي بالحقوق المدنية التي للفرنسي أن يتمتع الفرنسيون بهذه الحقوق في دولة الأجنبي بمقتضى نص في معاهدة وهذا النوع من أنواع التبادل أكثرها تشددا بالنظر لصالح الأجنبي لأنه يستلزم إبرام معاهدة بين دولة الأجنبي والدولة التي يقيم بها.

* أما التبادل التشريعي (Réciprocité législative) فصورته أن ينص المشرع التونسي مثلا على أن يتمتّع الأجنبي في تونس بحق معين أو بحقوق معينة إذا كان التونسيون يتمتعون في دولة هذا الأجنبي بنفس الحق أو بنفس الحقوق بمقتضى نص في تشريع تلك الدولة وهذا النوع من التبادل أكثر مرونة من سابقه. وهو أيضا أكثر ضمانا لأن في وجود نص في تشريع دولة الأجنبي ما يكفل تمتع التونسي بالحق.

* أما في صورة التبادل الفعلي (Réciprocité de fait) فيكفي أن يتمتع التونسيون بذلك الحق أو تلك الحقوق فعلا ولو لم يكن ذلك بمقتضى نص في معاهدة أو في تشريع دولة الأجنبي وهذه أبسط صور التبادل ولكنها كثيرا ما تثير صعوبات في إثبات ما يجري به العلم في دولة الأجنبـي. ويـنقسم التبـادل أيضـا مـن نـاحيـة مضمـونـه إلــــى تبـــــادل تطــــابقـــي (Réciprocité à base d' identité)
وتبـادل تعـادلـي (Réciprocité par équivalence).

* ففي حالة التبادل التطابقي يشترط أن يتمتع التونسيون في دولة الأجنبي بنفس الحق أو بنفس الحقوق التي يتمتّع بها الأجنبي في تونس مثال ذلك أن ينص المشرع التونسي على أن يكون للأجنبي حق العمل في تونس إذا كان التونسيون معترفا لهم بذات الحق في دولة هذا الأجنبي.
أما التبادل التعادلي فهو يقوم على فكرة المعاوضة بحيث يباح للأجنبي التمتع بحق معني في تونس نظير تمتع التونسيون بحق آخر في دولة هذا الأجنبي مثال أن ينص المشرع التونسي على أن يكون للأجنبي حق مباشرة التجارة في تونس في مقابل الاعتراف للتونسيين بحق العمل في دولة هذا الأجنبي ومن الشروط التي جرت العادة بإدماجها في المعاهدات ما يسمى بشرط أولى الدول بالمراعات (Clause de la notion la plus favorisé) وبمقتضى هذا الشرط يكون لرعايا أي من الدولتين المتعاقدتين أن يتمتعوا في الدولة الأخرى بأفضل مزايا يتمتع بها الأجانب في هذه الدولة سواء كان ذلك بالنسبة لحقوق الأجانب عامة أو بالنسبة لحق معني بالذات. وقد يكون هذا الشرط بسيطا، بحيث يتقرر لصالح رعايا إحدى الدولتين في الدولة الأخرى ولكنه غالبا ما يقترن بشرط التبادل بحيث يستفيد منه رعايا كل من الدولتين في الدولة الأخرى على السواء ([2]).

الفصــــل الثــــاني : مظاهر الحماية القانونية والقضائية للتونسيين بالخارج


إن من بين العناصر التي لها تأثيرها في نفس المهاجر هو شعوره باللامبالاة من جانب بلده الأصلي مما يولد فيه شعورا بالنقمة والرغبة في الانفصال عنه ضرورة أن البلد الذي لا يحمي أبناءه في الهجرة ولا يوفر لهم الضمانات الكافية لممارسة حقوقهم خارجه هو بلد لا خير فيه لأن المهاجر هو في الحقيقة مواطن استقر خارج وطنه الأصلي اختيارا منه أو اضطرارا لكسب مورد رزقه أو إتمام دراسته وبالتالي فمن حقه أن يطمح في أن لا تكون لوضعيته آثارا سلبية ([3]) وفعلا فقد تفطن المشرع التونسي منذ فجر الاستقلال وسارع بضبط نظام لحماية التونسيين في الخارج حماية قانونية وقضائية شملت المجال المدني وهو ما سنتعرض له في مبحث أول. والمجال الجزائي وهو موضوع المبحث الثاني.

الـمبحــــث الأول : المجـــــــــال المــدنـــــــي.

إن التونسي المقيم بالخارج قد حضي بحماية مدنية تجلت على الصعيدين الموضوعي والإجرائي :

الفـقـــرة الأولــــى : حماية التونسيين بالخارج من خلال الموضوع

تكتسي حماية التونسيين بالخارج مواضيع عدة يمكن تقسيمها إلى مواضيع اجتماعية (أ) ومواضيع اقتصادية (ب).

أ) الحماية الاجتماعية للتونسيين بالخارج :
وهي مجموعة بنود يبتغي المجتمع من ورائها حماية الأفراد من المخاطر الاجتماعية ([4]) ويشارك بهذا المعنى في الحماية الاجتماعية الضمان الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية ومؤسسات الحيطة والتشريع لصالح القاصرين والمعاقين جسديا.

1- توفير التغطية الاجتماعية للمهاجر :
إن مظاهر التكافل الاجتماعي في مجتمع معين تتجلى في مدى حرصه على بناء نظام حيطة اجتماعية تكفل للجميع تغطية مصاريف المرض وجراية الشيخوخة والتعويضات في صورة وفاة أحد المنخرطين.

وقد حرص المشرع التونسي منذ 14 ديسمبر 1960 على إصدار القانونين عدد 30 لسنة 1960 المتعلق بتنظيم أنظمة الضمان الاجتماعي وعدد 33 المتعلق بتأسيس نظام جرايات العجز والشيخوخة والبقاء بعد وفاة من يهمه الأمر ونظام منح الشيخوخة وصدر الأمر عدد 499 لسنة 1974 المتعلق بنظام جرايات الشيخوخة والأمر عدد 981 لسنة 1976 المتعلق بتنظيم صندوق التأمين على الشيخوخة إلا أن ميدان تطبيق هذه النّصوص انحصر في العملة التونسيين في القطاع الخاص داخل تونس دون غيرهم من العملة التونسيين بالخارج مما حدا بالحكومة التونسية إلى إمضاء العديد  من الاتفاقيات في ميدان الضمان الاجتماعي مع بعض الدول الأجنبية منها فرنسا وبلجيكيا وهولندا ولكسنبورغ وألمانيا وإيطاليا والنمسا وليبيا والجزائر. غير أنه تبين أن هاته الاتفاقيات التي عددها عشرة لا تغطى جميع البلدان التي يعمل بها المهاجرون التونسيون وبذلك فإن عدد المنتفعين بهذه الاتفاقيات بقي محدودا فتدخلت السّلط العموميّة وسنّت نظاما اجتماعيا بموجب الأمر عدد 107 لسنة 1989 المؤرخ في 10 جانفي 1989 والمعلق بسحب أنظمة الضمان الاجتماعي على العملة التونسيين بالخارج سواء أجراء أو غير أجراء والذين لا تشملهم اتفاقية ثنائية للضمان الاجتماعي أو تشريع خاص ينظم انخراطهم بالضمان الاجتماعي وأسند الفصل الثاني من الأمر المذكور إدارة هذا النظام إلى الصندوق القومي للضمان الاجتماعي الذي ينص على أنه : تسند إدارة النظام المنصوص عليه بهذا الأمر إلى الصندوق القومي للضمان الاجتماعي ويفوض الصندوق القومي للضمان الاجتماعي إدارة نظام جرايات الشيخوخة والعجز والباقين على قيد الحياة لصندوق التأمين على الشيخوخة والعجز والباقين على قيد الحياة كما وقع تنظيمه بالأمر عدد 981 لسنة 1976 المؤرخ في 19 نوفمبر 1976. وبموجب هذا الأمر عدد 107 لسنة 1989 العملة التونسيون بالخارج يخضعون لنظامين الأول خاص والثاني عام.

* النظام العام للتغطية الاجتماعية للعملة التونسيين بالخارج :
لقد اهتمت الحكومة التونسية بإبرام اتفاقيات ثنائية مع العديد من البلدان الأجنبية أين يوجد العديد من العملة التونسيين وذلك لغاية توفير التغطية الاجتماعية لهم، وتأمين حقوقهم وحقوق أفراد عائلاتهم في ميدان الضمان الاجتماعي. فقد تضمنت الاتفاقيات الثنائية في ميدان الضمان الاجتماعي مبدأ المعاملة بالمثل بالنسبة لأصيلي كلا البلدين وذلك فيما يتعلق بالتشريع الخاص بالضمان الاجتماعي الجاري به العمل كليّا كما تضمّنت أحداث نظام متبادل يطبّق على عمّال البلدين عند تغيير مقر الإقامة إلى البلد الآخر لتعاطي نشاط مهني خاضع للضمان الاجتماعي أو للإقامة بصفة خاصّة وتغطي الاتفاقيات المذكورة عديد المنافع العائلية والمهنية والتأمين على الشيخوخة والعجز والبقاء على قيد الحياة.

وتمنح هذه الاتفاقيات للتونسيين بالخارج جميع الامتيازات التي يوفرّها نظام الضمان الاجتماعي المعمول به في بلد الإقامة والعمل.

* النظام الخاص للتغطية الاجتماعية للعملة التونسيين بالخارج :
لقد تمّ إحداث نظام جديد بمقتضى الأمر عدد 107 لسنة 1989 المؤرخ في 10 جانفي 1989 يتعلق بسحب أنظمة الضمان الاجتماعي على العملة التونسيين بالخارج وقد أوكلت مهمة إدارة وتسيير هذا النظام إلى كل من الصندوق القومي للضمان الاجتماعي فيما يتعلق بالتأمينات الاجتماعية المتعلقة بالعلاج ومنح المرض والوضع والوفاة ورأس المال عند الوفاة، وإلى صندوق التأمين على الشيخوخة فيما يخص جرايات الشيخوخة والعجز والتأمين على قيد الحياة بعد وفاة المضمون.
وينتفع بهذا النظام التونسيون المقيمون بالخارج والذين يشتغلون بصفة إجراء أو غير إجراء ولا تشملهم اتفاقية ثنائية للضمان الاجتماعي وذلك حسب الفصل الأول من الأمر المذكور، والعمال التونسيون بالخارج المنتدبين محليا من قبل الهيئات الديبلوماسية والقنصلية التونسية وكذلك المؤسسات والهياكل التونسية بالخارج الذين لا يشملهم أي نظام للتغطية الأساسية بتونس.

وكذلك العمال التونسيون العرضيون بالقطر الليبي الذين لا يمكنهم استحقاق معاش بعنوان النظام اللّيبي للضمان الاجتماعي ويستثني من الانتفاع بهذا النظام العملة التونسيون بالخارج الذين تنسحب عليهم مقتضيات الاتفاقيّات الثنائية للضمان الاجتماعي مع البلدان المشغّلة لهم، والأعوان التونسيّون بالخارج الملحقون لدى الوكالة التونسيّة للتعاون الفني الذين تنطبق عليهم أحكام القانون عدد 8 لسنة 1988 المؤرخ في 23 فيفري 1988 المتعلق بالمساهمة بعنوان التقاعد للأعوان الملحقين لدى الوكالة المذكورة.

أما عن الانخراط فهو اختياري إذ يحق لكل تونسي يتعاطى نشاطا مهنيا بالخارج ويدخل ضمن المنتفعين بهذا النظام أن يطلب انخراطه بالصندوق القومي للضمان الاجتماعي ويجب على المضمون دفع الاشتراكات في نهاية كل ثلاثة أشهر وفي أجل أقصاه اليوم الخامس عشر من الشهر الموالي وقد حددت نسبة الاشتراكات بـ 10،65% موزعة كما يلي :
5،40% لتمويل نظام التأمينات الاجتماعية بمعنى التأمين على المرض والولادة ومنحة الوفاة ورأس المال عند الوفاة.
5،25% لتمويل نظام الجرايات.
ويتم احتساب قيمة الاشتراكات على أساس دخل جملي تقديري وباعتبار شريحة الدخل التي تم اختيارها من طرف المضمون من ضمن الأربع شرائح المبينة بالفصل السادس من الأمر المذكور.

وتجدر الملاحظة في هذا العدد أن المنخرط في هذا النظام يمكن له دفع الاشتراكات سواء بالخارج وذلك بإيداعها بالحساب الجاري للصندوق القومي للضمان الاجتماعي أو مباشرة بتونس بواسطة من يمثل العامل بالخارج ويمكن للمنخرط أن يطلب ضمّ فترات عمل بالخارج تمت قبل غرة جانفي 1989 ولم تكن مغطاة بنظام آخر للضمان الاجتماعي.

وتعتبر في التقاعد بعد تسديد الاشتراكات المقابلة لها. ويتمتع العمال التونسيون بالخارج الذين يشملهم هذا النظام بمنافع عينية ونقدية وذلك في حالة تعرضهم إلى أحد الأخطار الاجتماعية التالية :

* في حالة المرض :
يتمتع أفراد عائلة المضمون الاجتماعي الزوجة والأبناء القصر والوالدان إن كانا في كفالته الباقون بأرض الوطن بالعلاج بالمؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة العمومية. وبمصحات الصندوق القومي للضمان الاجتماعي.
كما يتمتع المضمون عند رجوعه إلى أرض الوطن للإقامة بصفة مؤقتة بالعلاج بالمؤسسات الصحية السالفة الذكر.
كما تصرف منحة المرض للمضمون في حالة إصابته بمرض منعه عن استئناف نشاطه المهني بالخارج مع إقامته بصفة مؤقتة بتونس.

* في حالة الولادة :
تصرف للمضمونة الاجتماعية العاملة بالخارج عند وضعها لمولود أثناء إقامتها بأرض الوطن مؤقتا منحة نقدية تسمى " منحة الوضع ".

* في حالة العجز :
تسند للمضمون في حالة العجز عن تعاطي أي عمل، جراية عجز وذلك عند إصابته بعجز بدني ناجم عن حادث أو مرض غير مهني وتعادل نسبته 66،66% على الأقل، على أن يتم إقرار ذلك من قبل اللجنة الطبيّة التابعة للصندوق القومي للضمان الاجتماعي وإذا لم يبلغ سن 65 سنة وكان قد ساهم في نظام الضمان الاجتماعي لمدة 20 ثلاثية بمعنى 60 شهرا على الأقل. وينتفع المضمون بجراية نسبتها 30% من الدخل المتخذ كمرجع عن فترة الاشتراكات المتراوحة بين 20 و 40 ثلاثية الأولى مع زيادة نسبة   0،5% عن كل ثلاثة أشهر إضافية وذلك بدون أن يتجاوز المبلغ الجملي للجراية 80% من الدخل السالف الذكر بعد قضاء 35 سنة من الاشتراكات.

* في حالة الشيخوخة :
تصرف للمضمون جراية الشيخوخة بعد بلوغه سن 65 سنة على الأقل واستفاء 100 شهرا من الاشتراكات على الأقل في الضمان الاجتماعي.
وينتفع المضمون بجراية نسبتها 30% من معدل الدخل المتخلّد كمرجع عن الـ 120 شهرا الأولى من الاشتراكات مع زيادة نسبة 0،5% من نفس معدل الدخل عن كل ثلاثة أشهر إضافية وذلك دون أن يتجاوز المبلغ الجملي للجراية 80% من معدل الدخل السالف الذكر بعد انقضاء 35 سنة من الاشتراكات.

* في حالة الوفاة :
يتمتع المضمون في حالة وفاة زوجته أو أحد أبنائه الذين هم في كفالته بمنحة وفاة.
أما في حالة وفاة المضمون، تسند منحة رأس المال عند الوفاة إلى المستحقّين عنه وهم الأرملة واليتامى القصّر والوالدان إذا كانا في كفالة المتوفى في صورة عدم وجود أرملة أو يتامى.
كما يمكن للمضمون ولأفراد عائلته ووالديه إذا كانا في كفالته التمتع بالمنافع التكميلية في نطاق العمل الصحي والاجتماعي كتحمل مصاريف الاستشفاء بمحطات المياه المعدنية واقتناء آلات تعويض وتقويم الأعضاء إلخ.
ويسدى الصندوق القومي للضمان الاجتماعي هذه المنافع للمضمون المباشر للنشاط المهني كما يسديها صندوق التأمين على الشيخوخة للمضمون المنتفع بجراية الشيخوخة أو جراية العجز للأرملة واليتامى بعد وفاة المضمون.

كما أن حماية التونسي بالخارج لا تقتصر على توفير التغطية الاجتماعية فحسب بل كذلك تكمن هذه الحماية في صورة ما إذا كانت للتونسي جنسيتين تونسية وأجنبية. تكون نتيجتها التزامات متعدّدة.

2- حماية مزدوجي الجنسية :
يتسبّب ازدواج الجنسية في إثارة مشاكل عديدة منها وضع الشخص إزاء التزامات متعدّدة يستحيل عليه الوفاء بها في وقت واحد كالخدمة العسكرية في كل الدول التي ينتسب إليها. في هذا الإطار أبرمت تونس اتفاقية تونسية فرنسية في 18 مارس 1982 واعتبرت في فصلها الرابع أنّه يعتبر الشبان المشار إليهم بالفصل الثاني من الاتفاقية قد أدّوا واجبات الخدمة الوطنية بفرنسا إذا كانوا في وضعية قانونية تجاه الخدمة العسكرية بتونس وبرهنوا على ذلك بالاستظهار بحجة رسمية مسلمة من طرف السلط التونسية. زيادة عن تزاحم الدول التي ينتمي إليها في أن تضفي عليه حمايتها الديبلوماسية التي تمنحها لرعاياها الموجودين خارج ترابها وصعوبة اختيار القانون الشخصي الذي يجب تطبيقه عليه من بين القوانين التي تتبع الجنسيات التي يتمتع بها وينتسب إليها. ومتعدد الجنسية لا تمكن معاملته على أساس كل الجنسيات التي يتمتع بها إذ يجب ترجيح   إحداها. ([5]) وقد وضعت اتفاقية لاهاي لسنة 1930 بعض المبادئ الأساسية لمعالجة تنازع الجنسيات.

لقد أجمع الفقهاء على التمييز بين ما إذا كانت دولة القاضي من بين الجنسيات المتنازعة وبين ما إذا لم تكن جنسية دولة القاضي ضمن الجنسيات المتنازعة. فإذا كانت جنسية دولة القاضي من بين الجنسيات المتنازعة فإنه يجب على القاضي اعتماد جنسية دولته واعتبار متعدد الجنسية وطنيا ومعامتله على هذا الأساس دون سواه وهو ما يمليه عليه احترامه لقوانين بلاده التي يستمد منها سلطته ([6]) وقد أخذت محكمة التعقيب بهذا الرأي في قرارها عدد 1390 المؤرخ في 23 ديسمبر 1963 ([7]).

وهذا الحل يتماشى مع ما اقتضاه الفصل 3 من اتفاقية لاهاي الذي ينص على أنه مع مراعاة أحكام هذه الاتفاقية فإن الشخص الذي له جنسيتان أو أكثر يمكن أن تعتبره كل دولة ينتمي إليها كأحد رعاياها.

أما إذا لم تكن جنسية دولة القاضي من بين الجنسيات المتنازعة فقد اختلف الفقهاء حول أساس الامتياز فذهب البعض إلى احترام إرادة متعدد الجنسية واعتماد آخر جنسية اكتسبها وذهب فريق إلى ترجيح الجنسية الأولى احتراما لحق الدولة المكتسب ويرى فريق آخر اختيار جنسية القانون الأشبه بقانون دولة القاضي غير أن الرأي الغالب في الفقه الدولي هو اعتماد الجنسية الواقعية وهي جنسية الدولة التي بها مقر متعدد الجنسية الاعتيادي أو الأصلي أو جنسية الدولة التي يستنتج من ظروفه أنه يبدو أكثر تبعية لها في الواقع وهذا ما اقتضاه الفصل الخامس من اتفاقية لاهاي الذي ينص على أنه يجب أن يعامل الشخص المكتسب لعدة جنسيات من طرف الدولة غير التي ينتمي إليها معاملة من ليست له إلا جنسية واحدة ويمكن لهذه الدولة مع مراعاة قوانينها والاتفاقيات المصادق عليها أن تقر لهذا الشخص على إقليمها من بين الجنسيات المتحصل عليها، أما  جنسية الدولة التي بها مقره الاعتيادي والأصلي أو جنسية الدولة التي أستنتج من ظروفه أنه يبدو أكثر تبعية لها في الواقع ([8]). 

3- حماية التونسي المقيم بالخارج من المشاكل التي تعترض حالته الشخصية :

إن المهاجر التونسي سواء كان رجلا أو إمرأة بحكم تواجده خارج وطنه يجد نفسه في العديد من الأحيان مجبرا على التزّوج بقرين له جنسية أجنبية والأسباب التي تدعو المهاجر لإبرام مثل هذا الزواج تكون عادة إما التحصّل على شغل بالخارج ([9]) أو جنسية مزدوجة أو هروبا من كلفة الزواج التي تقتضيها العادات التونسية والخطر التي قد يتعرض له التونسي بالخارج قد يتعلق بآثار الطلاق في حالة الزواج المختلط.

وإذا كانت مسألة النفقة والغرامات لا تثير مصاعب قانونية كبيرة فإن عنصر حضانة الأبناء أثار العديد من المشاكل خصوصا إذا كان حكم الطلاق صادرا عن محاكم أجنبية وأسند حضانة الأبناء للطرف غير التونسي. فإسناد حضانة الأبناء لطرف ينجرّ عنه حرمان الطرف الآخر منها وبالتالي يسعى كل واحد منهما إلى التأثير على الأبناء وتنغيص حياتهم. فيؤدّون تبعا لذلك ضريبة الاختلافات بين الأبوين في الدين والحضارة والطباع وينتج عن ذلك جرائم اختطاف الأبناء وترويعهم مما حدا ببعض البلدان إلى إمضاء اتفاقيات ثنائية في موضوع الحضانة مثلما هو الشأن بالنسبة للاتفاقية المبرمة بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية في 18 مارس 1982 حول الحضانة وحق الزيارة والنفقة وقد جاء بفصلها الخامس : " تلتزم الدولتان عن طريق المعاملة بالمثل بأن تضمنا فوق ترابهما وتحت مراقبة سلطتيهما القضائيتين حرية ممارسة حقّ الحضانة وحقّ الزيارة على الطفل القاصر مع التقيّد فقط بشرط مصلحته دون أي اعتبار آخر. وذلك طبقا لأحكام هذه الاتفاقية وخاصة الأحكام الصادرة في الدولة الأخرى في هذا الميدان " إلا أنه ما يلاحظ عند مراجعة بنود هذه الاتفاقية أنها لا تتعلق إلا بالنزاعات اللاحقة لصدور أحكام باتة في خصوص إسناد حضانة الأبناء في حين أن النزاعات المتعلقة بالحضانة والسابقة لصدور أحكام في شأنها هي من أهم النزاعات ضرورة أن كل طرف يدعى أحقيته بهذه الحضانة. ويتحصّن بالفرار صحبة الأبناء إلى بلده ([10]). وقد سبق أن عرض نزاع في هذا الشأن أمام محكمة الاستئناف بمدنين ([11]) في خصوص نزاع بين زوجة أجنبية وزوج تونسي حمل معه أبناءه إلى تونس فلحقته زوجته وطلبت بواسطة وكيل الجمهورية طلب الإذن بتسليم الأبناء إليها فرفضت محكمة البداية تمكينها من الإذن المطلوب وأصدرت محكمة الاستئناف حكما يقضي بالإقرار بناء على أنّ الفصلين 8 و 11 من الاتفاقية المشار إليها أعلاه يفترضان أن يكون أحد الطرفين حاضنا بصفة قانونية. وبالتالي فهو يفترض وجود حكم قضائي يتعلق بحضانة الإبن لأن التسليم لا يكون إلا نتيجة لحكم الحضانة، والدليل على ذلك أن الإستثناءات الواردة بالفصل 11 من الاتفاقية تتعلق بالتسليم للحاضن.
كما أكدّت محكمة التعقيب التونسية في قرارها عدد 18144 الصادر في 12 ديسمبر 1989 أن موضوع الحضانة خارج عن أنظار القضاء المستعجل الذي مناطه التأكد وعدم المساس بالأصل وذلك بمناسبة قضية استعجالية أثارتها زوجة فرنسية طالبة تمكينها استعجاليا من حضانة ابنها الموجود بتونس صحبة والده.

وتجدر الإشارة إلى أنّه إذا صدر الحكم عن محكمة أجنبية وأسند الحضانة للطرف غير التونسي فإن طلب اكساءه الصبغة التنفيذية ينتهي في أغلب الأحيان بصدور حكم برفضه لتعارضه مع مبدأ النظام العام والآداب العامة الوارد صلب أحكام أغلب الاتفاقيات القضائية الثنائية المبرمة بين الجمهورية التونسية والبلدان الأجنبية وكذلك الفصل 36 من مجلة القانون الدولي الخاص.

واعتبرت محكمة التعقيب أن اسناد الابن لوالدته الالمانية بموجب الحكم المطلوب تنفيذه فيه مخالفة لأحكام الفصول 60 و 61 و 67 من م ا ش وخارقا لأحكام الدستور الذي يقتضي أن الجمهورية التونسية دينها الإسلام ([12]).


4- حماية التونسيين بالخارج من خلال منحهم لجوازات السفر :
إن جواز السفر هو رخصة العبور الوحيدة التي تمكّن المهاجر من مغادرة بلده والالتحاق بمقر عمله بالخارج. فهو يمثل الوثيقة الهامة التي تثبت هويّة المهاجر بالبلاد الأجنبية فهي لا تسلمّ إلا للتونسيين الذين تكون قوة إثبات التمتع بالجنسية التونسية لحاملة مقنعة حسب الفصل 4 من قانون عدد 40 لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماي 1975 ويقع سحبه وجوبا إذا تبين أن حامله لا يتمتع بالجنسية التونسية.

وفي هذا الإطار نتبين حرص الحكومة التونسية على حماية رعاياها في الخارج وندرج في هذا السياق مثال يتعلق بالجالية في مصر فقد أثارت السفارة التونسية في القاهرة موضوعا يتعلق بالجالية التونسية في مرسى مطروح. ففي وقت ما امتنعت السلطات التونسية عن منح جوازات السفر للبعض منهم وذلك بسبب عدم ثبوت أصلهم التونسي. وبقي الإشكال بالنسبة لهذه الجالية أنهم غير معترف بهم لا من السلطات المصرية  ولا من السلطات التونسية. فعملت وزارة العدل والسلطات التونسية على البحث عن أصل هؤلاء الأشخاص فاتضح أن أصلهم من قصور الساف بولاية المهدية. وتبيّن أن لهم عائلة متواجدة بالمهدية وأنه يقع تبادل الزيارات بين العائلة الموجودة في مصر والعائلة الموجودة في تونس. كما اتضح أن لهم قضية في المحكمة العقارية حول نزاع عقاري وتبعا لذلك اتجهت الأبحاث في نطاق تسوية وضعيتهم والبحث عن هويتهم وذلك حماية لهم. وبعد الأخذ والردّ والتباحث مع السلطات المصرية تم الاعتراف بهم كتونسيين ومنحت لهم جوازات السفر وتم إدراج ولاداتهم في الدفاتر التونسية المدرجة بالسفارة التونسية في مصر. كما عملت السلطات المصرية في نطاق الحماية على إعفائهم من دفع المبالغ المقررة عن التأخير عن التصريح بالإقامة. وتمّ الاتفاق مع السلطات المصرية من أجل تذليل كل الصعوبات في جميع المبادين من حيث التشغيل والإقامة ... الخ.

كما خوّل الفصل 13 من نفس القانون ([13]) الحق لكل تونسي في الحصول على جواز السفر باستثناء القصّر أو إذا كان طالبه في سن آداء الواجب العسكري أو كان الراغب محل تتبّعات عدلية أو مفتش عنه من أجل جناية أو جنحة أو لقضاء عقوبة بالسجن أو إذا كان السفر من شأنه النيل من النظام العام غير أن جواز السفر يكون عادة عرضة للسرقة أو للضياع وفي هذه الحالة خول الفصل 21 إمكانية منح التونسيين بالخارج رخصة مرور من صنف (أ) صالحة فقط للرجوع إلى البلاد التونسية أو إلى تراب بلد الإقامة.

وقد تضمّنت أحكام الفصل الرابع من الأمر عدد 78 لسنة 1973 أن الموظّفين التونسيين يتولون ترسيم التونسيين المقيمين بدائرتهم وتسليمهم جوازات السفر وغيرها من وثائق السفر الأخرى.

5-  الحماية القانونية والقضائية للعمال المهاجرين :
إن عبارة العمّال المهاجرين تعنى الأشخاص الذين قد قاموا أو الذين يقومون أو الذين سيقومون بعمل مكسب في دولة ليسوا تابعين لها ([14]).

والمشاكل التي تعترض العامل في الخارج عديدة ومتعددة فهي اجتماعية وثقافية إضافة إلى تعرضه إلى الميز العنصري في ميدان العمل فيما يخصّ نوع العمل الذي يمكن أن يقوم به أو فيما يخصّ البحث عن المعلومة المهنية. ففي أغلب الأحيان تكون المقاييس المعتمدة للمواطنين والمهاجرين الأجانب ليست نفسها فيما يخص ضمان العمل فكثيرا ما يكون المهاجرون محرومون من بعض الامتيازات وذلك من خلال عقد العمل.

إضافة إلى أن ظروف عيش العمال المهاجرين في أغلب الأحيان غير مرضيّة (دخل ضعيف، كراء مرتفع، أزمة سكن، عائلة مرتفعة العدد، نظرة احتقار...). كل هذه العوامل تعمل على ظهور مشاكل تحول دون إدماج المهاجرين في الوسط الاجتماعي للبلد المضيّف.

لهذه الأسباب سعت كل دول العالم إلى إيجاد حلول تمنح المهاجرين حدا أدنى من الحماية.
فقد جاءت الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والتي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 45/158 المؤرخة في         18/02/1990 للتعريف بحقوق العمال المهاجرين ولجعل هذه الحقوق محميّة    ومحترمة ([15]).

وعلى منوال الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان فإن هذه الاتفاقية تضبط قواعد قانونية على كل البلدان اتخاذها كمثال حتى تؤسس قوانينها وإجراءاتها القضائية والإدارية. والبلدان المصادقة على هذه الاتفاقية ومنها تونس تلتزم بتطبيق بنودها كما تلتزم بالسهر على حماية حقوق العمال المهاجرين وتمكينهم من اللّجوء للقضاء عندما تنتهك حقوقهم. وتكون الحماية مسبقة وذلك عند إعلام العمّال الذين يغادرون وطنهم حاملين لعقد شغل أو لأيّة وثيقة رسمية.

ويحبّذ أن يعرفوا من الأوّل أجرهم وشروط العمل وشروط العيش بصفة عامة. وقد بيّن الفصل 33 من الاتفاقية أنه على البلدان الأطراف أن يقوموا بكل ما من شأنه أن يوضّح الأمر وذلك بتقديم المعلومات الكافية ويمنح الفصل 37 من الاتفاقية للعمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم حق الإعلام قبل أو بعد مغادرتهم لبلدهم الأم. كما يمكن أن تكون الحماية لاحقة وذلك بالتنصيص على قواعد دوليّة لحماية العمال المهاجرين من الطرد التعسفي في حالة انتهاء العقد وذلك بمنحهم إمكانية اللجوء إلى القضاء لإنصافهم وتمكينهم من حقوقهم وهذا ما جاء بالفصلين 22 و 56 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع المهاجرين وأفراد عائلاتهم.

ويمنع الفصل 22 الطرد الجماعي. فقرار الطرد لا يمكن أن يصدر إلا من طرف السلطة المختصة طبقا للقانون ولأسباب محددة فيه. وقد مكنت الاتفاقية العمال المهاجرين من العودة إلى بلدهم الأم. إلا أنه تبقى المشكلة متعلقة بالهجرة غير القانونية والخفية. التي يكون من خلالها المهاجرون عرضة لأن يصبحوا ضحية الإجرام وعرضة للاستغلال فهم معرّضون لقبول أي عمل وأي وضعية كانت خاصة وأنهم نادرا ما يلتجؤوا للقضاء لتسوية مشاكلهم وفضّها وذلك خوفا من اكتشاف أمرهم.

إضافة إلى هذه الاتفاقية فقد أبرمت تونس اتفاقية مع فرنسا متعلقة بالإقامة والعمل مؤرخة في 17 مارس 1988 ومصادق عليها بالقانون عدد 127 – 88 بتاريخ 4 نوفمبر 1988. وكذلك مع ألمانيا بتاريخ 8 أكتوبر 1965 وبلجيكيا في 7 أوت 1962 وهولندا في 8 مارس 1971 والمجر في 23 نوفمبر 1970 وذلك سعيا من المشرع التونسي لحماية العمال بالخارج.

وفي هذا الإطار تم التشجيع على التجمّع العائلي. ففي أوائل السبعينات عملت فرنسا على تشجيع التجمّع العائلي للعمال المهاجرين المقيمين على إقليمها فالعامل المهاجر له إمكانيّة استصحاب أفراد عائلته كذلك والداه الذين في كفالته.
إن للأجنبي المقيم بالخارج الحقّ في أن يتمتع بحياة عائلية طبيعية. هذا المبدأ جاء به الفصل 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات العامة والذي ينص على أنه لكل إنسان الحق في احترام حياته الخاصة والعائلية وفي حرمة مسكنه وسريّة مراسلاته.

كما أن هذا الإجراء وقع تليينه فالوالي لن يكون بإمكانه رفض التجمّع بالإستناد إلى قلّة الموارد إذا ما تجاوزت هذه الموارد الأجر الأدنى. أما إذا قلتّ عنه فللوالي تقدير الأمر علما وأن الرفض كان آليا من قبل في صورة عدم بلوغ الأجر الأدنى. وفيما فوقه يخضع الطلب لتقدير الوالي. ومن جهة أخرى ينصّ التشريع الحالي على رفض طلب التجمّع العائلي إن لم يكن للطالب مسكن يعتبر عاديا لأسرة من نفس التركيبة تعيش بفرنسا.

6- حماية التونسيين بالخارج من خلال منحهم بطاقة الإقامة :
لقد قرّرت السلطات الفرنسية منذ 13 أكتوبر 1986 إلزام التونسيين الراغبين في الدخول إلى الأراضي الفرنسية على الحصول على تأشيرة دخول وذلك مهما كان الغرض من دخولهم سواء للسياحة أو لزيارة عائلية أو خاصة أو للدراسة ويتم الحصول على التأشيرة من القنصليات الفرنسية الموجودة بالبلد الذي يقيم به طالب التأشيرة. ولرئيس البلدية الحق في رفض تسليم هذه الشهادة. وفي مثل هذه الحالة يمكن لطالبها اللجوء إلى الوالي الذي له سلطة إلغاء هذا القرار.
والزوج أو الزوجة التي تريد الالتحاق بزوجها أو الأطفال الذين دون سن الثامنة عشرة والراغبين في الالتحاق بأحد أبويهم غير ملزمين بتقديم شهادة السكن إذا كان الشخص الملتحق به بحوزته بطاقة إقامة مؤقته أو صالحة لعشر سنوات.
وبعثت بطاقة إقامة مؤقتة (عام واحد) تحمل صفة " بطاقة علمية " للأجانب الراغبين في القيام بأبحاث أو التدريس على مستوى جامعي. كذلك فإن بطاقة (خاصة وعائلية) تسلم للشرائح التي يضمن قانون دوبراي حمايتها كالشبان الذين دخلوا فرنسا قبل سن العاشرة والشخص المستقر فيها مدة تزيد  عن الخمسة عشر عاما وأقران الفرنسيين وأولياء أطفال يحملون الجنسية الفرنسية.

ويمكن للمتزوج بفرنسية أو المتزوجة بشخص يحمل الجنسية الفرنسية الحصول على بطاقة الإقامة حال الإمضاء على عقد الزواج بدل انتظار مدة عام كما كان من قبل شريطه الدخول إلى التراب الفرنسي بصفة قانونية، كما يمكن تسليم هذه البطاقة إلى كل أجنبي له من الروابط الشخصية والعائلية ما يكون في رفض الترخيص له بالإقامة نيل مما له من حق في احترام وضعيته العائلية.

كما ألغي شرط الدخول القانوني إلى فرنسا لمنح هذه البطاقة (بطاقة مقيم مدّنها عشر سنوات) الطويلة الأمد لأزواج الفرنسيين وأطفالهم والأولياء وللمتمتعين بحق التجمع العائلي وبعض ضحايا حوادث الشغل.

كما بعثت بطاقة خاصة للمتقاعدين تمكنهم وأن لم يكونوا مقيمين بفرنسا مع مواصلة الدخول إليها في كل وقت لإقامة مؤقتة وصلاحية هذه البطاقة هي عشرة أعوام وهي لا تمكن من الشغل كما أن تمتّعهم بالتأمين على المرض سيقتصر على قائمة من "الأمراض الخطيرة ".

كما وقعت حماية من لا أوراق لهم وذلك بعدم تتبع العائلة أو قرينة الأجنبي المتواجد بصفة غير شرعية أو معاشرته (أو القرين أو المعاشر).

أما بالنسبة للتأشيرة فقد كان القانون القديم يمكن القنصليات من رفضها دون تعليل الرفض وقد جاء القانون الجديد بحماية للتونسيين بالخارج وذلك من خلال جبر القنصليات على تعليل رفضها فيما يخص شرائح خسمة من الأجانب منهم أقران مواطنين فرنسين وأطفالهم الذين تقل سنهم عن الواحدة والعشرين أو الذين هم على نفقتهم والأباء والأمهات الذين هم في كفالتهم وأيضا المتمتعون بترخيص في التجمع العائلي. والعملة المرخص لهم بالعمل في فرنسا ([16]).
وعلاوة على الحماية الاجتماعية للتونسيين بالخارج فإنهم يتمتعون بحماية اقتصادية.




(

عن الكاتب

الذخيرة القانونية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الذخيرة القانونية