الذخيرة القانونية

موقع يتعلق بالقانون التونسي

random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

طرق التنفيذ : الجزء الثاني : العقلة التحفظية


طرق التنفيذ : الجزء الثاني : العقلة التحفظية  الذخيرة القانونية

 العقلة التحفظية هي إجراء وقائي , وقتي يحفظ الحق من التهديد و من إمكانية عدم التوصل لإستخلاصه وذلك تمهيدا لممارسة العقلة التنفيذية التي تمكن للدائن من بيع مكاسب مدينه و استخلاص دينه من ثمنها.وقد خصص المشرع للعقلة التحفظية الباب الثالث من الجزء الثامن من م م م ت الذي ينقسم إلى قسمين : قسم يتعلق بالأحكام المشتركة (العامة) للعقلة التحفظية بالنسبة لجميع المكاسب التابعة للمدين. وقسم ثان يتعلق بالعقلة التحفظية على عقار مسجل و يطلق عليها المشرع الإعتراض التحفظي.

ا- العقلة التحفظية العامة :

بين المشرع الأحكام العامة للعقلة التحفظية في الفصول من 323 إلى 326 م م م ت , وهنا يتضح أن العقلة التحفظية لتحقق اثاراها تستوجب احترام جملة من الشروط.

1-شروط العقلة التحفظية:

تنقسم هذه الشروط إلى صنفين :  شروط موضوعية و شروط شكلية                      

أ-الشروط الموضوعية :

بإعتبار أن العقلة التحفظية, الغرض منها حفظ حق الدائن في إستخلاص دينه أي أن للعقلة التحفظية بعد وقائي. و هذه الخاصية تجعل من شروطها تتميز بالمرونة و البساطة و هو ما نلاحظه مقارنة أو بالنظر في الشروط الواجب توفرها في الدين الذي يمكن للدائن على أساسه اجراء عقلة تحفظية على مكاسب مدينه.

وهذا الدين أشار المشرع لخصائصه بالفقرة 2 من الفصل 322 م م م ت: " يجوز الإذن بالعقلة التحفظية لضمان كل دين يبدو أن له أساسا من حيث الأصل و أن استخلاصه مهدد بالخطر و لو كان مؤجلا أو معلقا على شرط ".

و من هنا نلاحظ أن هناك اختلاف كبير بين خصائص الدين في الفصل 322 و الفصل 302 الذي تضمن: " لا يجوز اجراء عقلة على دين محقق و ثابت ".

ومن هنا جاءت فكرة المرونة بإعتبار أن المشرع لا يفرض شروط الفصل 302 بل يطلب أن الدين يجب أن يكون له أساس أي أنه ليس دين وهمي أي له وجود قانوني. لكن هذا الدين يمكن أن يكون معلقا على شرط و يمكن أن يكون الدين غير حال الأجل , وهنا يجب فقط على الدائن أن يثبت أمام المحكمة وجود تهديد يجعل من استخلاص الدين أمر صعبا أو مستحيل إن لم يقع الإذن بإجراء العقلة التحفظية. وهنا يلاحظ في التطبيق أن فقه القضاء يتساهل في اثبات هذا الخطر (استخلاص الدين) و ذلك اعتمادا على قرينة:

              " كل علاقة دائنية يشوبها الخطر".

إضافة إلى ذلك يجب أن يكون الدين معلوم المقدار أي أن يكون مقدرا من طرف الدائن الذي يدعي وجوده.

ورغم أن الفصل 322 م م م ت لا يشترط ذلك إلا أن هذا الشرط يستفاد من الفقرة الأخيرة من الفصل 322 م م م ت : " القرار السامح بالعقلة التحفظية يجب أن يحمل مقدار المبلغ المأذون فيه "   المكاسب القابلة للعقلة التحفظية:هنا ينص الفصل 322 م م م ت :

 " يمكن اجراء هذه العقلة على جميع مكاسب المدين سواء كانت منقولة أو عقارية بإستثناء العقارات المسجلة والمكاسب التي يحجر القانون عقلتها ".والملاحظ هنا أن هذا النص لا ينسجم مع مقتضيات الفصل 192 م ح ع الذي يشمل مبدأ الضمان العام. وهذه الشمولية لا تتعارض مع إمكانية وجود استثناءات. ويمكن في هذا الإطار أن نؤكد على فكرة أن ما لم يقع استثناؤه صراحة من مجال العقلة أو التنفيذ يكون خاضعا لإمكانية عقلته ومن ذلك العقارات الحكمية التي يمكن عقلتها تحفظيا ولكن مع احترام مقتضيات الفصل 105:" يجب عقلتها مع الأصل " الا اذا كانت عقلتها لفائدة صانعيها أو باعتها. كما يمكن أن تعقل الديون المجردة عقلة تحفظية وذلك اعتمادا على عمومية الفصل 323 م م م ت وإذا اعترض المدين بالقول أن هذه الديون يجب أن تعقل عقلة توقيفية.إذا جاء هذا الإعتراض فهنا يجب التمسك بفكرة العمومية و بالصبغة الوقائية للعقلة التحفظية حتى نؤكد إمكانية اجرائها على الديون. وما يؤكد ذلك هو أن المشرع يسمح في اطار النصوص الخاصة المتعلقة بعقلة الأوراق المالية, بعقلة هذه الأوراق والحقوق تحفظيا بصريح الفصل 404 م م م ت الذي تضمن:" الأوراق المالية المشبهة , في خصوص التنفيذ بالمنقولات ويمكن عقلتها وفقا للأحكام الواردة بالأبواب الثالث و الرابع والسادس من هذا العنوان"(العقلة التحفظية) وهو ما يدعم فكرة العمومية الواردة بالفصل 323 م م م ت.

ب-الشروط الإجرائية: (الشكلية)

نفس الملاحظة بالنسبة للمرونة والبساطة وهي تتعلق بخاصيتين أساسيتين و هما:

-الإذن بإجراء العقلة التحفظية.

-تنفيــــــذهــــــــــــــــــــــــــا.

1-الإذن بإجراء العقلة التحفظية:

في خصوص الإجراء الأول المتعلق بالإذن يجب أن نلاحظ أن الدائن مبدئيا لا يحتاج لهذا الإذن عندما يكون له سند تنفيذي وهو ما يؤكده الفصل 322 فقرة أولى الذي أشار إلى  ضرورة إقصاء من بيده سند تنفيذي من اجراء العقلة التحفظية. أما إذا لم يكن بيده سند تنفيذي, هنا يحتاج إلى وثيقة تبرر له دينه و تعطيه السلطة اللازمة لإجراء هذه العقلة.

وهذه الوثيقة تعطى له في شكل إذن على عريضة يتقدم بها الدائن للمحكمة المختصة والجهة المختصة.


أما الإختصاص الترابي فيخضع للقواعد العامة التي تفرض أن يكون مقر المطلوب هو الأساس الذي من خلاله يقع تحديد المحكمة المختصة. و في هذا المعنى أشار المشرع بالفصل 322 فقرة 1: " لا يجوز اجراء عقلة تحفظية إلا بإذن من حاكم الناحية أو ر.المحكمة الإبتدائية الراجع لدائرتهم مقر المدين في حدود نظر كل منهما ".

2-تنفيذ العقلة التحفـــــــــظية

بعد الحصول على الإذن يجب على الدائن تسليمه إلى عدل التنفيذ ليسمح بإجراء العقلة التحفظية فعليا وذلك في أجل 10 أيام من تاريخ إصداره.

ويقع اجراء العقلة التحفظية عن طريق محضر ينفذه عدل التنفيذ ويجب أن يتضمن البيانات والتنصيصات الوجوبية والا عد باطلا وهي بيانات عددها المشرع بالفصل 325 م م م ت وتتلخص في القرار(الإذن القضائي) الصادر بها أو السند التنفيذي والذي وقع الإعلام به عن طريق محضر ثم حضور أو عدم حضور المدين المعقول عنه أو الحارس لمكاسب المدين عند الإقتضاء. كما يجب تبيين مبلغ الدين وهو تعيين مفصل للمكاسب التي وقع عقلتها حتى وان كانت بضائع فيقع وزنها وقيسها وعدها أو كيلها. واذا تعلق الأمر بمصوغ يجب أن يقع وصفه وتقديره من قبل أمين ثم يقع تقديم المحضر للدائن وللمدين أيضا.

2-آثار العقلة التحفظية:

للعقلة التحفظية أثران اثنان: -أثر مدني و اثر جزائي

 1- الأثر المدني:

هو الأثر التجميدي عملا بالفصل 309 م م م ت الذي يمنع على المدين الذي تمت عقلة مكاسبه التصرف فيها بما يضر مصلحة الدائن.

2- الأثر الجزائي:

 هو تجريم كل تصرف يقوم به المدين المعقول عنه وإمكانية تتبعه من أجل ارتكاب جريمة التفريط في معقول.

وهنا نلاحظ أن لها صبغة وقتية. فالعقلة التحفظية ليست بعقلة أبدية ولا يجب أن تقع بصورة مطلقة ودون قيود. وعلى هذا الأساس يتجه فقه القضاء عموما منعا لتعسف الدائن إلى طلب الإذن بشرط أن يتولى الدائن المطالبة بدينه أصليا في أجل معين وذلك بغية حصوله على سند تنفيذي يؤدي إلى تحويل العقلة التحفظية إلى عقلة تنفيذية.

تبدو الأحكام المتعلقة بهذه العقلة خاصة نظرا للطبيعة الخاصة للعقار المسجل الذي يستوجب الأخذ يعين الإعتبار الأحكام المتعلقة بالإشهار العيني في م ح ع. وتتمحور هذه الأحكام الخاصة حول الشروط المستوجبة للإعتراض التحفظي والأثار المترتبة عن هذه العقلة.

1-الشروط :

يلاحظ أولا أن المشرع يحيل في ما يتعلق بشروط الدين إلى الفصل 322 م م م ت مما يعني أن المشرع اكتفى بالأحكام العامة. أما بالنسبة للشروط الإجرائية وهنا تكمن الخصوصية في هذه العقلة, حيث يميز الفصل 327 بين صورتين:

  •    صورة الدائن الذي بيده سند تنفيذي أو سند مرسم ( رهن). وهنا يتولى أو يتم الإعتراض التحفظي بمجرد تبليغ اعلام بواسطة عدل التنفيذ إلى المدين ( محضر) يتضمن انذاره بأنه في صورة  عدم الوفاء  بالدين فإن الدائن سيتولى ترسيم اعتراض تحفظي على عقارته المسجلة.
  •    صورة الدائن الذي لا يملك سند تنفيذي. وهنا لابد من استصدار إذن في ذلك من قاض واحد وهو رئيس المحكمة الإبتدائية بمقر المدين.

وفي هاتان الحالتان لابد من تقديم الإعتراض التحفظي للترسيم في أجل أقصاه 90 يوم (3 أشهر) من تاريخ الإنذار.وعند تقديم هذا الإعتراض للترسيم فإن مدير الملكية العقارية له سلطة تقديرية لقبول الإعتراض بترسيمه أو رفضه. وعند الرفض يجب أن ينص في هامش المحضر على تاريخ اتصاله بالمحضر وسبب رفضه.


2-الآثار :

     المفعول التجميدي وفق الفصل 328 م م م ت.                               

وهذا المفعول ينشأ من تاريخ ترسيم الإعتراض ولا من تاريخ انجاز المحضر طبقا للأحكام العامة أخذا يعين الإعتبار خصوصية العقار المسجل وذلك للتمسك والاحتجاج به ضد الغير، والغاية هنا هي المحافظة على التوازن بين حقوق الدائن وحقوق المدين. 

وفي هذا الإطار يمكن للمدين أن يطلب رفع العقلة عن طريق إجراء القضاء الإستعجالي وذلك إذا قدم للدائن ضمانا يجعله يطمئن لإمكانية إستخلاص دينه.

كما يمكن للمدين أن يطعن في العقلة إما مباشرة أو بصورة غير مباشرة.

* مباشرة: يمكن للمدين الطعن بواسطة الطلب في الرجوع في الإذن الذي أصدره القاضي أو إستئناف هذا الإذن عملا بالفصلين 219 و222 م م م ت.

*بصفة غير مباشرة: الطعن في السند التنفيذي

         يمكن الطعن مباشرة في الإجراءات التي إتبعها عدل التنفيذ.

 

 العقلة التحفظية بالنسبة لعقار مسجل:

نظم المشرع هذه العقلة في الفصول من 327 إلى 329 م م م ت وأطلق على هذه العقلة "الإعتراض التحفظي" وهي عبارة منتقدة لأنها يمكن أن توقع في الخلط بين العقلة التحفظية والقيود الاحتياطية التي نظمها المشرع في الفصول 365 وما بعده م م م ت والتي يسميها المشرع قيود احتياطية.

ويضيف ال فصل 328 فقرة 2 حكما خاصا يتضمن استثناء للمفعول التجميدي:

" ترسيم الإعتراض على عقار مسجل مشاع لا يحول دون ترسيم القسمة أو بيع الصفقة  إلا إذا كان متناولا لحقوق جميع المتقاسمين أما إذا كان متناولا لمناب أحد الشركاء فإنه يقوم مقام الإعتراض المنصوص عليه بالفصل 121 م ح ع و يحمل عند الإقتضاء على جزء العقار الذي يقع في حصة المدين".

القسمة التي يمكن ترسيمها هي القسمة التي تتعرض لمناب أحد الشركاء فقط وتكون مفرزة في نصيبه من المنابات.

ويمكن الإعتراض على القسمة و بالتالي ترسيم, اعتراض تحفظي حفظا لحقوق الدائنين , كما أن القسمة لا تجرى إلا بحضور الدائنين حماية لحقوقهم المطلوبة من طرفهم على المدين.

إن المشرع صلب الفصل 328 فقرة 2 يخول رغم وجود المفعول التجميدي الذي يرتبه الإعتراض التحفظي , ترسيم القسمة  عندما يكون الإعتراض التحفظي متناولا على مناب مشاع من عقار مشترك, وهذه القسمة تفترض حضور الدائنين أو الدائن العاقل في إجراءاتها بإعتبار أن ترسيم العقلة يقوم مقام الإعتراض على القسمة على معنى الفصل 121 م ح ع . على أن ترسيم القسمة يمكن أن لا يحصل إذا كان هذا الترسيم لا فائدة منه و ذلك في الصورة التي تكون فيها العقلة التحفظية أجريت على حقوق كل الشركاء و كل المتقاسمين , و هذا الإعتراض له صبغة وقتية بإعتبار أنه يمكن زواله إما بالتشطيب عليه من الترسيم و ذلك بمقتضى إذن من رئيس المحكمة الإبتدائية إذا قام المدين بتأمين مبلغ كاف لخلاص الدين أو بسقوطه طبقا لمقتضيات الفصل 329 فقرة 2 بإعتبار أن ترسيم الإعتراض يصبح عديم المفعول  قانونا بمرور سنتين و تحتسب هذه المدة بداية من تاريخ ترسيم الإعتراض أو العقلة في الرسم العقاري.         

- بين المشرع الأحكام العامة للعقلة التحفظية في الفصول من 323 إلى 326 م م م ت.

- نظم المشرع العقلة التحفظية الخاصة لعقار مسجل "الإعتراض التحفظي" في الفصول 

من 327 إلى 329 م م م ت.

إقرا أيضا


من إعداد موقع الذخيرة القانونية

عن الكاتب

الذخيرة القانونية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الذخيرة القانونية