الذخيرة القانونية

موقع يتعلق بالقانون التونسي

random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الجریمة المتلبس بھا

أ- مفهوم التلبس

على مستوى تحدیده لمفھوم الجریمة المتلبس بھا اقتصر المشرع فقط على نوعین من الجرائم نظرا لخطورتھا وھي الجنایة والجنحة كما أنھ لم یعتمد المفھوم اللغوي للتلبس بمعنى ساعة اقتراف الجریمة وانما اعتمد مفھوما قانونیا یستند فقط الى حداثة أو قرب زمن ارتكاب الجریمة الذي یختلف من حیث مدتھ بحسب حالات أربعة یتعرض لھا تباعا.

 الحالة الأولى: حالة مباشرة الفعل في الحال

وھي الحالة التي یكون فیھا ھناك تزامن بین ارتكاب الفعل ومعاینتھ من قبل أعوان الضابطة العدلیة.

الاشكال بالنسبة لھذه الحالة الأولى ھو أن ھناك بعض الجرائم التي لا تكون ظاھرة للعیان رغم انھا مرتكبة في الحال نظرا لأنھا من الجرائم المتواصلة مثل جریمة إخفاء المسروق، حوز المخدرات، حمل سلاح دون رخصة... فھل یمكن الحدیث بشأنھا عن تلبس؟

محكمة التعقیب الفرنسیة في ھذا الإطار اعتبرت أن لمأموري الضابطة العدلیة صلاحیة تكییف أو تحدید حالة التلبس بالنسبة لھذه الجرائم لكن مع احترام شرطین متلازمین. الشرط الأول، ھو معاینة التلبس یجب أن تكون سابقة لاستعمال الطریقة القسریة في جمع الأدلة (كالتفتیش القسري مثلا) لا العكس اي لا یمكن استعمال ھذه الطریقة من أجل اكتشاف التلبس.

 الشرط الثاني، ان معاینة التلبس یجب أن تكون موضوعة على أساس بعض العلامات الظاھریة أو

العناصر الموضوعیة التي تجعل المأمور یرجح توفر حالة التلبس (اشتمام رائحة مخدرات اثناء عملیة مراقبة إداریة عادیة، وشكایة من شخص معرف بھویته  وممضي على المحضر...) أما مجرد الحدس والشك أو الوشایة من شخص مجھول الھویة فھي حسب محكمة التعقیب الفرنسیة لا تعتبر من العناصر الموضوعیة الكافیة لتكییف الجریمة على أساس أنھا متلبس بھا.

2. الحالة الثانیة: حالة مباشرة الفعل في زمن قریب من الحال:

في ھذه الصورة لیس ھناك تزامن بین ارتكاب الفعل ومعاینتھ وانما یفصل بینھما زمن قصیر یمكن منطقیا من القاء القبض على الفاعل مع بقاء وسائل الاثبات على حالھا (صورة مغادرة الفاعل موطن الجریمة منذ زمن قصیر).

الاشكال بالنسبة لھذه الحالة أن المشرع لم یحدد المدة الزمنیة القصیرة ھذه مما یترك المجال لاجتھاد قاضي الموضوع (ھو یوم تقریبا بالنسبة لفقھ القضاء الفرنسي والتونسي).

3. الحالة الثالثة: حالة التلبس المفترض:

یفترض التلبس في ھذه الصورة الثالثة في حالتین:

 1-حالة مطاردة الجمھور لذي الشبھة صائحا وراءه من أجل القاء القبض علیھ وھي حسب فقھ القضاء الفرنسي  تختلف عن حالة الاشاعة المنتشرة بین الجمھور حالة وجود ذي الشبھة حاملا لأمتعة أو وجدت بھ آثار أو علامات تدل على احتمال ادانته.

مع العلم أن الافتراض لا یقوم في ھاتین الحالتین الا بتوفر عنصر زمني وھو أن تكون المطاردة أو اكتشاف

العلامات في زمن قریب جدا من زمن وقوع الفعلة. وفي ھذه الحالة لم یحدد المشرع ھذا الفاصل الزمني الذي یمكن أن یمتد من 20 ساعة الى یومین حسب رأي البعض (الأستاذ محمد الزین).

4. الحالة الرابعة: حالة التلبس بالتشبیھ:

ھي لیست حالة تلبس حقیقیة وإنما تشبھ بحالة التلبس وذلك عندما تقترف جنایة أو جنحة بمحل سكني استنجد صاحبه بأحد مأموري الضابطة العدلیة لمعاینتھا ولو لم یحصل ارتكابھا في الظروف المبینة بالحالات السابقة أي دون اشتراط أن تكون الجریمة ارتكبت في ومن قریب من زمن اكتشافھا من قبل صاحب المسكن (مع العلم أن ھذه الحالة وقع الغاؤھا سنة 1999 من م.إ.ج الفرنسیة وتعویضھا بحالة اكتشاف جثة مع الجھل بأسباب الوفاة).

ب – الطابع الاستثنائي والقسري لأعمال البحث في الجریمة المتلبس بھا

یبدو ھذا الطابع القسري على مستویین اثنین:

1. المستوى الأولى: تداخل الھیاكل والأعمال:

في إطار الإجراءات الجزائیة یقع التمییز عادة بین أعمال البحث التي یتعھد بھا أعوان الضابطة العدلیة في حدود القانون وبین اعمال التحقیق التي ھي من اختصاص قاضي التحقیق (دائرة الاتھام أحیانا) ویمكن أن تشمل عملیات الاختبار والتفتیش والحجز والإیقاف التحفظي والتي ینفرد بھا (الفصل 94 فقرة 1، الفصل 97 فقرة أخیرة). الا انھا وبصفة استثنائیة في حالة الجنایة والجنحة المتلبس بھا تختلط اعمال الضابطة العدلیة بأعمال التحقیق وتصبح صلاحیات مأموري الضابطة العدلیة موسعة لتشمل حتى صلاحیات قاضي التحقیق. فبالنسبة لوكیل الجمھوریة ینص الفصل 34 من م.إ.ج. على أنھ "لوكیل الجمھوریة في جمیع صور الجنایات أو الجنح المتلبس بھا مع سلطة التتبع جمیع ما لحاكم التحقیق من السلط" مما یجیز لھ إضافة الى اعمال البحث الأولي أن یقوم بالتفتیش والحجز والاختبار وإصدار بطاقة الإیداع (الفصل 85 م.إ.ج یجیز الإیقاف التحفظي في الجنایات والجنح المتلبس بھا).

المستوى الثاني: تقلص الشكلیات التي تخضع لھا اعمال مأموري الضابطة العدلیة

وھو ما یترتب عنھ تقلیصا للضمانات التي یمكن أن یتمتع بھا المتھم ویبدو ھذا على مستویین أساسا، التفتیش وإمكانیة إیقاف المتھم.

بالنسبة للتفتیش وطبق احكام الفصل 95 من م.إ.ج. فانھ یمكن أن یتم في حالة الجنایة أو الجنحة المتلبس بھا خارج المجال الزمني الذي حدده نفس الفصل والممتد من الساعة السادسة صباحا الى الثامنة لیلا.

بالنسبة لإیقاف المتھم فانھ في حالة الجنایة أو الجنحة المتلبس بھا یمكن ان یتم بموجب اذن شفاھي (الفصل 35 فقرة ثانیة) كما یمكن أن یتعد أعوان الشرطة والحرس دون إذن مسبق من وكیل الجمھوریة على أن یتم قرار الاحتفاظ بعد ذلك بإذن كتابي وطبق الضمانات التي یستوجبھا الفصل 13 مكرر كما وقع تنقیحھ سنة 2016 رغم أن عبارة النص توحي بأنھ لا یمكن القاء القبض على الجاني الا بإذن من وكیل الجمھوریة في حین أنھ بحكم حالة التلبس یجوز للأعوان المذكورین القاء القبض على المتھم على أنھ یتم لاحقا الاذن من قبل وكیل الجمھوریة. كما تجدر الإشارة انھ في حالة الجنایة والجنحة المتلبس بھا یمكن اصدار بطاقة إیداع في شأن المتھم من قبل قاضي التحقیق أو وكیل الجمھوریة اي إیقافھ تحفظیا بالسجن طبق احكام الفصل 85 م.إ.ج.

عن الكاتب

الذخيرة القانونية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الذخيرة القانونية