الذخيرة القانونية

موقع يتعلق بالقانون التونسي

random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الامتياز

الامتياز
عرف الفصل 194 م. ح. ع الامتياز بأنه "الحق العيني الذي يعطيه القانون في تفضيل بعض الدائنين على

بعض للخلاص من مكاسب المدين نظرا لصفة ديونهم ".

وقد عرف هذا التأمين العيني تطورا هائلا منذ نشأته زادت سرعته خلال القرن العشرين بسبب الكثرة المشطة

للنصوص القانونية المنشئة للامتيازات لذلك اتجه التشريع الفرنسي نحو التضييق من هذه السياسة التشريعية بتحويل

عديد الامتيازات العامة على عموم العقار والمنقول الى رهون قانونية لحصر الامتيازات في عدد قليل من أهمها

الامتياز العام للمصاريف القضائية والامتياز العام لأجور العملة على خلاف المشرع التونسي الذي بقي محافظا على

سياسته التوسعية التي توخاها منذ صدور مجلة الحقوق العينية المصدر الرئيسي للتأمينات العينية عموما والامتياز

خصوصا.

الفصل التمهيدي: تعريف الامتياز و خصائصه

مبحث 1: تعريف الامتياز

قبل صدور مجلة الحقوق العينية، كان الفصل 1625 م. إ. ع )المنسوخ بصدور الناسخ: م. ح. ع( يعرف

الامتياز كما يلي: "الامتياز حق يعطيه القانون في تقديم بعض الغرماء على بعض في الخلاص من مكاسب المدين

نظرا لأسباب ديونهم". هذا التعريف القديم للامتياز اكتفى باعتباره حقا دون نعته بالعيني وهو ما جعل البعض يعتبره

مجرد حق أو مجرد وصف من أوصاف الالتزام. بل أكثر من ذلك، اعتبره البعض مجرد ضمان شخصي لا يرتقي

الى مرتبة الحق العيني خاصة وأن حق التتبع الذي يعتبر خاصية جوهرية للحق العيني يغيب في الامتياز على الأقل

مبدئيا.

لكن منذ صدور مجلة الحقوق العينية سنة 1965 ، لم يعد الامتياز مجرد حق بل أصبح حقا عينيا بصريح

نص الفصل 194 م. ح. ع. وباعتباره حقا عينيا، فانه يرتب حق تتبع لفائدة الدائن الممتاز ويعتبر هذا الحق أثرا هاما

الى جانب حق الأفضلية ( مقال للأستاذ ب. م. الفرشيشي، حق التتبع في مادة الامتيازات، مجموعة أعمال مهداة الى

الأستاذ المرحوم م. ع. هاشم "الشغف بالقانون"، ص 454).

36 تأمينات عينية - أيمن فالحي

وبالإضافة الى ذلك، فقد أشار المشرع صلب الفصل 194 م. ح. ع صراحة الى أساس الامتياز متمثل في

صفة الدين. ويعني ذلك أن الامتياز يمنحه القانون نتيجة لصفة معينة في الدين المضمون به. فهذه الصفة هي التي

جعلت من الدين جديرا بأن يكون مضمونا بالامتياز.

مبحث 2: خصائص الامتياز

تستنتج خصائص الامتياز من تعريفه بالفصل 194 م. ح. ع. وتتمثل فيما يلي:

فقرة 1: قانونية الامتياز

إن القاعدة والمبدأ الذي ليس له استثناء أن الامتياز مصدره القانون دون سواه فلا يمكن للأطراف الاتفاق

على تكوين امتياز ولا يمكن للقضاء أيضا انشاء امتياز، كما أنه لا يمكن للعرف الذي هو مصدر للقاعدة القانونية أن

يكون مصدرا للامتياز. والقانون في مادة الامتياز استثنائي وهو ما يترتب عنه استثنائية الامتياز وهذه الصبغة

الاستثنائية تفرض عدم التوسع وعدم القياس في مادة الامتيازات.

فقرة 2: عينية الامتياز

هذه الخاصية تتخذ ثلاثة مظاهر.

أ. حق الاحتجاج:

الامتياز كحق عيني يحتج به إزاء الكافة أي المدين وكافة الدائنين عاديين أو مرتهنين أو حابسين كما يحتج

بالامتياز إزاء الغير كالمفوت له في محل الامتياز أو الموصى له به وخاصية الاحتجاج يتمتع بها كل حق عيني

في مواجهة الكافة.

ب. التخصيص:

هذه الفكرة توجد في كل الحقوق العينية الأصلية والتبعية. والتخصيص في الامتياز يعني أن هناك مال معين

مخصص لتمكين الدائن الممتاز من استخلاص دينه بالأفضلية من متحصل بيع المال المخصص له. ولكن هذه

الخاصية ولئن بدت واضحة ولا تثير اشكالا في الامتياز الخاص على عقار معين أو منقول معين الذي يكون

مخصصا لتمكين الدائن الممتاز من التنفيذ عليه والخلاص من ثمن بيعه، فإن فكرة التخصيص تثير نقاشا هاما في

الامتياز العام فذهب رأي أول الى حد نفي فكرة التخصيص في الامتياز العام.

في حين اعتبر اتجاه ثان وجود فكرة التخصيص في الامتياز عاما أو خاصا ولكنه تخصيص مادي في الامتياز

الخاص وتخصيص ذهني أو حكمي في الامتياز العام. وهذا التخصيص الذهني يتمثل في أن جميع مكاسب المدين

عقارات ومنقولات مخصصة بصورة حكمية وذهنية لغاية استخلاص الدائن الممتاز لدينه. وهذا التخصيص الذهني

قائم لا فقط في الامتياز العام بل كذلك في الضمان العام: تخصيص مكاسب المدين عقارات ومنقولات ضمان عام

لدائنيه.

ج. عدم التجزئة:

هي خاصية تهم كل التأمينات العينية لأنها مستمدة من طبيعة الحق العيني باعتباره حقا عينيا. ويقصد بعدم

تجزئة الامتياز أن هذا الحق العيني يخضع للقاعدة التالية: "الكل بالكل والجزء بالكل". وهو ما يعني أن كامل المال

المخصص للامتياز يضمن خلاص كامل الدين وإذا ما تجزأ الدين بخلاص جزء منه فإن الجزء المتبقي مضمون

بكامل المال محل الامتياز. وفي صورة تجزئة المال الذي شكل وعاء الامتياز كقسمته مثلا فإن ذلك لا يؤثر على

الامتياز إذ يبقى كامل حتى بعد تجزئته وقسمته ضامنا لخلاص كامل الدين.

فقرة 3: تبعية الامتياز

التبعية لا ينفرد بها الامتياز بل توجد في كل الضمانات الخاصة حتى الشخصية منها كالكفالة. فالضمان

الخاص لا يوجد إلا إذا وجد دين أصلي فينشأ التأمين لضمان استخلاصه. وهذه التبعية ثابتة في الامتياز اذ هي مستمدة

من تعريفه. وتقوم التبعية بوجود الدين وتبقى معه طالما هو قائم وتنقضي بانقضائه وتنتقل بانتقاله إذا ما توفرت حالة

من حالات انتقال الدين كما في حالة إحالة الدين التي يترتب عنها إحالة الامتياز.

فقرة 4: ارتباط الامتياز بصفة الدين

ينفرد الامتياز بقيامه على صفة الدين المضمون به. وقد تعرض المشرع الى صفة الدين في الفصل 194

م. ح. ع حينما عرف الامتياز والفصل 195 م. ح. ع المتعلق بترتيب الامتيازات في تزاحمها فيما بينها وهو ما يؤكد

التصاق الامتياز بصفة الدين إذ تتدخل صفة الدين إما في مفهومه أو في ترتيبه. وتحديد الصفة يختلف حسب نوع

الامتياز عاما أو خاصا.

أما الصفة في الامتياز العام هي الاعتبار الذي جعل المشرع يمنح دينا ما امتيازا عاما يستوعب عموم العقار

والمنقول. ويكمن الاعتبار في وجود مصلحة معينة. قد تكون مصلحة إنسانية كما في مصاريف تجهيز الميت أو

مصلحة اقتصادية مثلا كالامتياز العام للديون التي تساهم في إنقاذ المؤسسة أو مصلحة عامة كامتياز الخزينة لضمان

استخلاص ديون الدولة. كما قد يكون الاعتبار اجتماعيا كامتياز ديون الأجراء.

أما بالنسبة الى الصفة في الامتياز الخاص تتمثل لا في الاعتبار بل في الأساس الذي بموجبه تم إسناد

الامتياز الخاص وتوجد ثلاثة أسس في الامتيازات الخاصة وهي:

❖ إضافة مال الى الذمة المالية للمدين يترتب عنها تعزيز لذمته المالية. مثال ذلك الامتياز الخاص على السيارة

أساسه فكرة الإضافة التي حصلت للذمة المالية لمشتري السيارة وهو المدين.

❖ الرهن الضمني: افتراض قانوني وكأن محل الامتياز مرهون عند الدائن الممتاز كما في امتياز المكري

صاحب المحل المكرى إذا لم يقم المتسوغ بخلاص معينات الكراء )الفصل 200 ثانيا م. ح. ع ).

❖ المحافظة على الذمة المالية كما في امتياز مصاريف الأشغال الفلاحية )الفصل 200 أولا م. ح. ع ).

الفصل 1: أنواع الامتياز

الامتياز تأمين عيني متعدد وقد اختار المشرع تصنيفه الى امتياز عام وامتياز خاص. في حين صنفه الفقه

الى تصنيفات عدة تختلف حسب المعيار المعتمد.

مبحث 1: التصنيف التشريعي

بالرجوع الى الفصل 197 م. ح. ع يجوز القول مبدئيا إن المشرع واضح في تصنيف الامتياز الى نوعين:

امتياز عام وامتياز خاص. إلا أن المتمعن في الفصل 197 يدرك غموضه.

فقرة 1: الوضوح المبدئي لتصنيف الفصل 197 م. ح. ع

جاء بالفصل 197 م. ح. ع : " الامتياز نوعان عام وخاص". وبذلك كان المشرع واضحا في تصنيف الامتياز

الى عام وخاص. وقد عرف نفس الفصل الامتياز العام وهو الذي يشمل "جميع المنقول والعقار". كما أشار الفصل

199 م. ح. ع الى "عموم المنقول والعقار ".

وبذلك يصح القول إن الامتياز العام هو الذي يتسلط على جميع أموال المدين من عقار ومنقول سواء كانت

حاضرة أو مستقبلية على خلاف الامتياز الخاص وهو الذي لا يتسلط الا على عين أو أعيان معينة.

وعلى هذا الأساس فإن التعيين هو معيار التمييز بين الامتياز العام والامتياز الخاص. فإذا كان المال معينا

اعتبر امتيازا خاصا وقد يكون امتيازا خاصا على عقار أو على منقول.

انطلاقا من هذا التقسيم نستنتج أن المشرع استبعد نوع الامتياز العام على عموم المنقول أو على عموم

العقار. على أن مجلة الالتزامات والعقود كانت تنظم الامتياز العام على عموم المنقول في حين كانت تستبعد الامتياز

العام على عموم العقار.

فقرة 2: غموض الفصل 197 م. ح. ع

إن عبارة "أعيان معينة" الواردة بالفصل 197 م. ح. ع والمتعلقة بالامتياز الخاص يرى فيها البعض عبارة

عامة ومطلقة تجيز القول إن الامتياز الخاص هو بدوره قد يتنوع إذ يمكن أن يتسلط على منقول واحد أو عقار واحد

أو مجموعة من العقارات المعينة أو مجموعة من المنقولات المعينة.

هذه العبارة حسب هذا الرأي تجيز على الأقل من الناحية النظرية القول إن الامتياز الخاص لا يقتصر على

الامتياز الخاص على عقار أو على الامتياز الخاص على منقول. وفي اعتقادنا، هذا الرأي لا يؤدي الى مزيد الغموض

والارتباك على التصنيف الواضح كما ورد بالفصل 197 م. ح. ع والذي على أساسه يصنف الامتياز الى عام و امتياز

خاص على عقار وامتياز خاص على منقول .

مبحث 2: التصنيف الفقهي

اعتمد الفقه في تصنيف الامتياز معايير متنوعة. نقتصر على أهمها: معيار الصفة ومعيار الترتيب.

فقرة 1: معيار الصفة

انطلاقا من التعريف التشريعي للامتياز بالفصل 194 م. ح. ع نتبين أن الأساس في تفضيل الدائن الممتاز على غيره

من الدائنين يتمثل في صفة الدين. والصفة هي الأساس القانوني الذي يجعل الدين مفضلا على غيره من الديون في

الامتياز الخاص. وهي الاعتبار الذي يراعيه المشرع في دين معين والذي يبرر جدارته بالتفضيل.

ومن هذه الاعتبارات المصلحة العامة وهو ما راعاه المشرع في تقرير امتياز المبالغ المستحقة للخزينة

العامة وهو امتياز عام ورد في نصوص متعددة. ومنها ما هو اجتماعي كما هو في الامتياز الممنوح للأجراء ضمانا

لحقوقهم تجاه مؤجرهم وعلى هذا الأساس تعتبر الصفة سببا لمنح الامتياز باعتباره أفضلية تخول للدائن الممتاز

استخلاص ديونه قبل غيره من الدائنين وتمتد وظيفة الصفة في صورة التزاحم بينه وبين دائن ممتاز آخر لتكون

معيارا للترتيب إذ يقع تحديد درجة الأفضلية استنادا لمدى أهمية الاعتبار الذي يقوم عليه الامتياز مقارنة بغيره من

الدائنين الممتازين.

فقرة 2: معيار الترتيب

بالاعتماد على هذا المعيار صنف الفقه الامتيازات الى امتيازات عادية وامتيازات ممتازة.

أ. الامتيازات العادية:

ورد هذا الصنف من الامتياز بالفصلين 199 و 200 م. ح. ع. فبالنسبة إلى الفصل 199 م. ح. ع فقد تضمن

ترتيبا تشريعيا مرجعيا للامتيازات العامة العادية وهو ما يعني أن هناك امتيازات عامة أخرى قد تتفوق على امتيازات

الفصل 199 م. ح. ع .

أما الفصل 200 م. ح. ع فيتعلق بالامتيازات الخاصة العادية وهو ما يعني أيضا وجود امتيازات خاصة أخرى

في مجلات وقوانين خاصة تأتي في ترتيب سابق لتلك الامتيازات.

ب. الامتيازات الممتازة )المدعمة أو الأفقية(:

هي التي تتقدم الامتيازات العادية فيقع استخلاص الديون المضمونة بامتيازات من هذا النوع من الامتياز قبل

الديون الممتازة العادية في صورة التزاحم بينها. ونذكر من بين الامتيازات الممتازة الامتياز الخاص للخزينة بالفصل

34 من مجلة المحاسبة العمومية إذ "تتمتع الدولة والمؤسسات العامة والجماعات العمومية والمحلية زيادة على

الامتياز العام للفصل 33 م. م. ع لاستخلاص الرسوم والضرائب والمعاليم الموظفة على مكاسب منقولة أو غير منقولة

معينة بامتياز خاص على تلك المكاسب وعلى أموالها ومداخيلها ويحتل هذا الامتياز الخاص الدرجة الأولى ويسبق

الحقوق العينية نفسها الراجعة للغير حتى ولو كانت مكتسبة من قبل ".

ويكون بذلك المشرع قد أقر امتيازا خاصا ممتازا لفائدة الخزينة يسبق سائر الامتيازات التي يمكن أن تتسلط

على ذات المنقول. فهذا الفصل يمنح لفائدة الخزينة ومن في حكمها حق أفضلية أفقي أو مدعم وهو ما يؤكد مقصد

المشرع في تقديم الامتياز الذي يحمي الأموال العمومية على بقية الامتيازات دون استثناء. ولكن رغم ذلك يطرح

إشكال في صورة تزاحم هذا الامتياز الممتاز للفصل 34 م. م. ع مع امتياز ممتاز آخر مثل امتياز الفصل 488

م. م. م. ت. في صورة التزاحم بين هذين الامتيازين، فأيهما يسبق الآخر؟

لحل هذا التزاحم اعتبر البعض أن مصاريف التوزيع والترتيب للفصل 488 م. م. م. ت يتمتع بالأولوية

المطلقة. والمقصود بالمصاريف القضائية التي تمثل الدين المضمون بالامتياز هي المصاريف التي صرفت في إطار

أو بمناسبة إجراءات قضائية تنفيذية قصد حفظ مكاسب المدين وبيعها لكونها متصلة بالتقاضي عموما أو بما قد يطلبه

اللجوء الى القضاء مطلقا. في حين اعتبر البعض الآخر أن امتياز الخزينة المدعم بالفصل 34 م. م. ع يتفوق ويتقدم

امتياز المصاريف القضائية. ويستند هذا الرأي في تبريره الى أساس امتياز الخزينة الذي يكمن في فكرة المصلحة

العامة هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن منطوق الفقرة 2 من الفصل 34 م. م. ع يحسم في حقيقته أي تزاحم يمكن أن

يثار بين بين امتياز الخزينة وسائر الامتيازات الأخرى لفائدة امتياز الخزينة. إذ نص صراحة: "ويحتل هذا الامتياز

الخاص الدرجة الأولى ".

وما زاد الأمر تعقيدا التوسع في قائمة الامتيازات الممتازة مثل الامتياز الممتاز للأجور بمقتضى قانون

1996 المنقح لمجلة الشغل بالفقرة 2 من الفصل 151 م. ش وهو ما يضيف تعقيدا على ترتيب هذه الامتيازات فيما

بينها.

الفصل 2: آثار الامتياز

يترتب عن الامتياز أثرين هامين حق الأفضلية وهو الأثر الصريح والذي لا يثير شكوكا في خصوصه وحق

التتبع الذي أثار جدلا في خصوصه لعدم التصريح به صلب الأحكام والقواعد المتعلقة بالامتياز.

مبحث 1: حق الأفضلية في الامتياز

لقد أقر المشرع صراحة حق الأفضلية في مادة الامتياز هذا الحق يستوجب شروطا معينة لممارسته.

فقرة 1: إقرار حق الأفضلية

لا بد من الإشارة أولا الى أن حق الأفضلية لا يعتبر أثرا خاصا بالامتياز بل هو أثر مشترك بين كل

التأمينات العينية وهو العنصر المفرق بينها وبين كل ضمان آخر. فلا يمكن الحديث عن تأمين عيني دون هذا الحق

وقد أشار المشرع الى الأفضلية في الامتياز فقد استثنى من قاعدة المساواة بين الدائنين الأسباب القانونية في تفضيل

بعضهم على بعض تطبيقا للفصل 192 م. ح. ع .

وقد عرف المشرع الامتياز بكونه "حق عيني يعطيه القانون في تفضيل بعض الدائنين على بعض". كما

أضاف الفصل 195 م. ح. ع : " الدين الممتاز مفضل على غيره من الديون... وتفضيل بعض الدائنين الممتازين على

بعض يعتمد على اختلاف صفات الامتياز". وفي ترتيبه للامتيازات فقد نص الفصل 196 م. ح. ع على أنه "إذا تساوى

الدائنون في رتبة الامتياز فلا أفضلية لأحدهم على الآخر ".

انطلاقا من مجموعة هذه القواعد القانونية التي تضمنت تنصيصا صريحا على حق الأفضلية في الامتيازات يمكن

القول إن هذا الحق يمثل صلاحية أساسية وجوهرية يمنحها القانون لصاحب الدين الممتاز نظرا لصفة دينه. يمارسها

تجاه بقية الدائنين كما يمارسها تجاه الغير الذي انتقلت اليه ملكية محل الامتياز. لكن هل يعني ذلك أن أفضلية الدائن

الممتاز تمثل حقا مطلقا؟ وهل أن حق التفضيل في الامتياز يتفوق على كل الأسباب الأخرى؟ يبرز موقفان في

خصوص هذا السؤال.

يعتبر الموقف الأول أن حق التفضيل الممنوح للدائن الممتاز هو حق مطلق يتغلب على حق تفضيل الدائن

المرتهن وحق تفضيل الدائن الحابس مهما كانت طبيعة الديون المضمونة والحجة في ذلك مضمون الفصل 195

م. ح. ع الذي جعل "الدين الممتاز مفضلا على غيره من الديون وحتى على الديون الموثقة برهن عقاري". وبهذا

الترتيب الصريح أقر المشرع أسبقية وأولوية حق أفضلية الدائن الممتاز على غيره من الدائنين العاديين بداهة وعلى

غيره من الدائنين المرتهنين كذلك كما يتفوق على الدائن الحابس إذا ما تزاحم معه بالاعتماد على نفس الفصل الذي

يفهم منه توجه إرادة المشرع نحو إقرار حق أفضلية ناجع ومطلق لفائدة الدائن الممتاز وتدعم هذا الموقف بتكريس

المشرع للامتيازات المدعمة دون الرهن وحق الحبس بما يفيد أن المشرع أراد أن يكون الامتياز تأمينا عينيا ناجعا.

أما الموقف الثاني فلا يعتبر أن الامتياز حقا مطلقا بل هو حق نسبي ويستند في ذلك على الحالات الاستثنائية

التي تتفوق فيها بعض التأمينات العينية على الامتياز مثال ذلك الفصل 65 من مجلة التجارة البحرية الذي أقر بتفوق

الرهن البحري على الامتيازات غير البحرية فجاء فيه ما يلي: "والامتيازات البحرية مرتبطة بسبب الدين وهي مقدمة

دائما على الرهون البحرية. وهذه )الرهون البحرية( مقدمة دائما على الامتيازات غير البحرية". نفس القاعدة بالنسبة

الى الرهن الجوي إذ أقرت الفصول من 18 الى 21 من مجلة الطيران المدني بصفة صريحة أن الرهن الجوي يتغلب

على جميع الامتيازات غير الجوية. وبذلك اعتمد المشرع الترتيب التالي: " 1 ( الامتيازات الجوية، 2 ( الرهن الجوي،

3 ( الامتيازات غير الجوية ".

وعلى هذا الأساس لا يمكن الجزم بأن حق الأفضلية في الامتياز هو حق مطلق وبالإضافة الى ذلك تتأكد محدودية

نجاعة حق الامتياز في الامتياز الخاص إذ أن حق التفضيل فيه يكون مقيدا بالمحل المخصص له وفي صورة عدم

كفايته لخلاص كامل الدين المضمون به يصبح الدائن الممتاز دائنا عاديا فيما تبقى له يخول له التنفيذ على مكاسب

مدينه باعتباره دائنا عاديا.

فقرة 2: شروط ممارسة حق الأفضلية

تنقسم الى شروط عامة تنطبق في مادة التأمينات عموما وشروط خاصة تتعلق بالامتياز فحسب.

أ. الشروط العامة:

1 . عدم كفاية أموال المدين:

تبرز أهمية وجدوى حق الأفضلية إذا كانت أموال المدين غير كافية لاستخلاص الدائن صاحب الامتياز وبقية الدائنين

المتزاحمين لديونهم أو إذا كان المال المخصص للامتياز الخاص غير كاف لخلاص كل الديون. أما إذا كانت أموال

المدين كافية لخلاص كل الديون مهما كانت درجة امتيازاتهم في هذه الصورة لا مجال للحديث عن حق أفضلية وبذلك

تتأكد أهمية ممارسة حق الأفضلية عند عدم كفاية المال أو أموال المدين لخلاص الدائن الممتاز وبقية دائني المدين.

2 . تعدد الدائنين:

تقتضي ممارسة حق الأفضلية تعدد الدائنين ذلك أن وجود دائن ممتاز بمفرده يحول دون حتى مجرد الحديث عن حق

أفضلية وبالتالي عن ممارسة حق الأفضلية.

3 . وحدة المال محل الأفضلية:

إن شرط وحدة المال يعني أيضا وحدة المدين فلا يقوم التزاحم بين الدائنين وتبعا لذلك لا يمارس حق الأفضلية الا إذا

كان محل هذا الحق واحدا وكان المدين واحدا. بالإضافة الى ما سبق ذكره، يجب أن يكون متحصل بيع ذلك المال

غير كاف لخلاص جميع دائني المدين بما فيهم الدائن الممتاز سواء كان امتيازه عاما أو خاصا.

4 . الحرص على حماية حق الأفضلية:

لكي يمارس الدائن الممتاز حق أفضليته يجب أن يكون حريصا على حماية امتيازه فعليه حينئذ بالمطالبة بخلاص دينه

عند حلول أجله. وإذا قام دائن آخر بعقلة محل امتيازه عليه في هذه الصورة أن يعارض العقلة. وفي حالة التنفيذ على

الدائن الممتاز عليه أن يتدخل في إجراءات التنفيذ وأن يحضر عملية التوزيع ليتمكن من ممارسة أفضليته في

استخلاص دينه. فالدائن صاحب الامتياز له الحق أن يتدخل في جميع إجراءات التنفيذ التي بادر بها غيره من الدائنين

الى حين اعداد قائمة التوزيع من قبل رئيس المحكمة الابتدائية المختصة بمقر التنفيذ.

5 . تحويل محل الامتياز إلى قيمة نقدية:

يتحول محل الامتياز الى قيمة نقدية في صورتين. صورة التفويت فيه فيتحول المحل الى قيمة نقدية يمارس عليها حق

التفضيل وتلك القيمة النقدية التي تسمى متحصل هي التي ستكون موضوع توزيع بين الدائنين المتزاحمين. والتفويت

في هذه الصورة هو تفويت جبري أي بيع بالمزاد العلني يتم وفق الإجراءات القانونية المضبوطة بمجلة المرافعات

المدنية والتجارية.

أما الصورة الثانية لتحويل محل الامتياز الى قيمة نقدية تتمثل في الحلول العيني تتمثل في الحلول العيني إذ يتحول

محل الامتياز بحكم القانون الى قيمة نقدية في بعض الحالات كما هو الحال في الانتزاع من أجل المصلحة العمومية

)قانون 2016 ( الذي تحل في اطاره غرامة الانتزاع محل الحقوق الموثقة على العقار المنتزع منها حق الامتياز

ليستوفي الدائن الممتاز حقه بالأفضلية من تلك الغرامة كذلك الأمر في صورة التأمين إذ يحل التعويض محل العقار

المؤمن immeuble assuré (( ليستوفي الدائن الممتاز حقه بالأفضلية من مبلغ التعويض.

ب. الشروط الخاصة:

1 . الشرط المتعلق بالامتياز:

لا يمارس حق التفضيل في الامتياز الخاص الا على المال المخصص له وفي حدود المتحصل من بيعه وهو ما

تضمنه منطوق الفصل 306 م. م. م. ت فلا يحق لصاحب الدين المضمون بامتياز خاص أن يمارس حق أفضليته على

غير المال المخصص لامتيازه وإذا لم يتمكن من استخلاص دينه كاملا من وعاء امتيازه الخاص يمكنه أن ينفذ على

أموال المدين باعتباره دائنا عاديا ولكنه في هذه الصورة ملزم باحترام قاعدة الاحتياطي التي تعني وجوب البدء التنفيذ

على منقولات المدين على خلاف الدائن صاحب الامتياز العام الذي يمكنه أن يمارس حق أفضليته على أي مال من

أموال المدين إذ لا يخضع في التنفيذ لا الى قاعدة التخصيص ولا الى قاعدة الاحتياطي.

2 . الشرط المتعلق بالإشهار:

إن السؤال الذي يطرح في هذا الخصوص: هل يشترط اشهار الامتياز لممارسة حق الأفضلية؟

من الجدير أن نشير الى غياب نص قانوني عام يفرض اشهار الامتياز وخاصة الامتياز العام وهو ما أدى الى بروز

نقاش هام في خصوص هذا الموضوع )انظر: اشهار التأمينات، نور الدين بسرور ومحمد سعيد( ترتب عنه: *موقف

أول يعتبر ان الامتياز مهما كان عاما أو خاصا قابل للإشهار ويستدل في ذلك بوجود امتيازات عامة مشهرة بالسجل

العقاري لدى إدارة الملكية العقارية كامتياز الخزينة العامة ولكن يجب الإشارة الى أن الاشهار ليس شرطا للامتياز

لأن الامتياز يمنحه القانون الا في بعض الامتيازات الخاصة التي أخضعها المشرع صراحة الى شكلية الاشهار.

في هذه الحالات الخاصة يعد اشهار الامتياز شرطا لممارسة حق الأفضلية. مثال ذلك امتياز بائع العربات والجرارات

الذي يخضع للترسيم بدفتر خاص معد لذلك. هذا الترسيم شرط للاحتجاج بالامتياز فإذا غاب لا يمكن للدائن الممتاز

ممارسة أفضليته.

إضافة الى امتياز بائع الأصل التجاري الذي أوجب الفصل 205 م. ت ترسيمه بدفتر عمومي بكتابة المحكمة التي يقع

بدائرتها الأصل التجاري في ظرف 15 يوما من تاريخ البيع. ولا يمكنه أن يمارس حق أفضليته المترتب عن امتيازه

الا إذا قام بالترسيم.

إضافة الى اشهار الامتيازات المسلطة على السفن إذ تعد السفينة منقولا غير خاضع لمبدأ الحوز سند للملكية بل هو

منقول خاضع للتسجيل بدفتر خاص حيث نص الفصل 29 م. ت. ب : " كل حق متعلق بسفينة سبق تسجيلها لا يعارض

به الغير الا بترسيمه من قبل السلط البحرية بورقة التسجيل المرقومة والخاصة بها وابتداء من تاريخ ذلك الترسيم".

وترسيم الامتيازات المسلطة على السفن تم إقراره أيضا بصفة صريحة بالفصلين 66 و 72 م. ت. ب. ولا يمكن

ممارسة حق التفضيل المترتب عن الامتيازات البحرية عملا بالفصلين الا إذا تم اشهاره بالطريقة المحددة.

*موقف ثان يعتبر أن عمومية قاعدة )محل( الامتياز لانعدام التخصيص تقابلها خصوصية النظم الإشهارية التي

تؤسس جميعها على أموال معينة. فالسجل العقاري قائم على اشهار الحقوق المتعلقة بسفينة معينة وهو ما يستخلص

منه أن الغرض من خلق هذه النظم الخاصة هو الاقتصار على اشهار الحقوق المتعلقة بأموال معينة دون غيرها وهو

ما يقصي اشهار الامتيازات العامة لتعلقها بعموم مكاسب المدين عقارات كانت أو منقولات أي بكامل الذمة المالية

للمدين في جانبها الإيجابي. هذا الرأي في اعتقادنا أقرب الى المنطق القانوني فغياب شرط التخصيص يمثل عائقا

لعملية الاشهار من ناحية وغياب التنصيص القانوني من ناحية أخرى يؤدي الى صعوبة الجزم بخضوع الامتيازات

العامة الى تقنية الاشهار.

مبحث 2: حق التتبع في الامتياز

إن كان حق الأفضلية المقرر صراحة في الامتياز ضامنا أساسيا لاستخلاص الدين يمكن الدائن الممتاز من

الاحتجاج به تجاه بقية الدائنين فإن هذا الحق يبقى قاصرا عن تحقيق غايته في صورة خروج محل امتيازه من ذمة

المدين وانتقاله الى الغير. في هذه الحالة لا بد من تدخل حق التتبع وتوسيع مجاله بتمكين الدائن الممتاز من الاحتجاج

به لا تجاه الدائنين الآخرين فحسب بل تجاه الغير الذي انتقلت اليه ملكية الشيء محل الامتياز. وبذلك يكون حق التتبع

ضامنا لاستمرار وبقاء حق التفضيل من جهة وضامنا لتحقيقه من جهة أخرى. فيكون حق التتبع مكملا أساسيا لحق

التفضيل إذ قد يفقد هذا الحق جدواه في غياب حق التتبع. وعلى هذا الأساس يعتبر حق التتبع وسيلة قانونية للاحتجاج

بالامتياز على الغير الذي انتقلت اليه ملكية محل الامتياز. فهو يدعم ويكمل حق الأفضلية الذي هو وسيلة قانونية

للاحتجاج بحق الامتياز إزاء الدائنين.

بعد إقرار الحق يجدر تعريفه بكونه صلاحية قانونية تخول الدائن صاحب الامتياز عقلة المال موضوع

امتيازه عند خروجه من الذمة المالية للمدين الى ذمة الغير وبيعه لاستخلاص الدين المضمون بالأفضلية على بقية

الدائنين سواء كانوا عاديين أو أصحاب تأمينات عينية.

لقد آثار حق التتبع في مادة الامتيازات نقاشا هاما في خصوص وجوده من عدمه الا أن الاتجاه الغالب الذي

حسم النقاش توجه نحو الإقرار بوجود حق التتبع الذي يخضع في ممارسته الى شروط.

فقرة 1: إقرار حق التتبع في الامتياز

مبدئيا يمكن القول إن الامتياز يرتب حق التتبع كأثر من آثاره باعتبار أن هذا التأمين العيني يشكل في حد

ذاته منظومة قانونية كاملة تفضي الى إقرار مبدئي بوجود حق التتبع. هذا بالإضافة الى أن جق التتبع قد تم اقراره

بصفة صريحة في عديد الصور المتعلقة بالامتيازات الخاصة.

أ. الإقرار المبدئي لحق التتبع:

لقد ترتب عن غياب نص عام يقر حق التتبع في مادة الامتيازات اختلافا فقهيا تمخض عنه بروز اتجاهين.

يرى أصحاب الاتجاه الأول أن الإقرار الصريح بحق التتبع في بعض صور الامتيازات الخاصة هو حكم استثنائي

يعبر عن مقصد المشرع في استبعاده كقاعدة عامة في الامتيازات على خلاف حق الأفضلية. أما الاتجاه الثاني فيرى

عكس ذلك معتبرا أن التنصيص الصريح على حق التتبع في بعض النصوص المتعلقة ببعض الامتيازات الخاصة هو

في حد ذاته تأكيد على مبدأ عام مفاده أن حق التتبع هو أثر للامتيازات كما هو في الرهن وحق الحبس باعتباره أثرا

مشتركا بين كل التأمينات العينية. وبالإضافة الى ذلك توجد حجج متعددة تؤكد أن حق التتبع هو أثر لكل الامتيازات.

الحجة الأولى مستمدة من التعريف التشريعي للامتياز بالفصل 194 م. ح. ع الذي يستند الرأي الرافض لإقرار

حق التتبع في الامتياز لأن المشرع اقتصر على ذكر حق التفضيل دون حق التتبع كما حصر إمكانية استيفاء الدين في

إطار التنفيذ على مكاسب المدين دون المكاسب التي خرجت عن ذمته. إن في ذلك حجة على استبعاد حق التتبع من

الامتياز بالإضافة الى ذلك فان إقرار عينية الامتياز في الفصل 194 م. ح. ع لا تكفي لوحدها لإقرار حق التتبع الذي لا

يعد لا من ماهية الامتياز ولا من جوهره.

ان هذه الحجج مردود عليها بقول ان عدم التعرض الى حق التتبع في تعريف الامتياز صلب الفصل 194

م. ح. ع لا يعد حجة كافية لرفضه لأن تحديد آثار مؤسسة ما أو عقد ما هو في حقيقة الأمر عمل فقهي وليس بالضرورة

عملا تشريعيا ذلك أن المشرع لا يتعرض ضرورة الى كل آثار العقد أو المؤسسة التي ينظمها. ويدخل ذلك في مهام

الفقهاء وشراح القانون. فالفصل 201 م. ح. ع مثلا في تعريفه للرهن لم يذكر حق التتبع في حين ذكر حق الأفضلية

وهو ما استوجب الرجوع الى الفصل 262 م. ح. ع بالنسبة الى الرهن الحيازي للمنقول والفصلين 270 و 280 بالنسبة

الى الرهن العقاري للإقرار بحق التتبع في الرهن.

كما تتجه الملاحظة أن الموقف السلبي للمشرع في مادة الامتيازات ليس غريبا على تشريعنا الذي اختار

أيضا في إطار الامتيازات عدم التنصيص الصريح على عدم التجزئة الذي يمثل باتفاق الفقهاء خاصية مشتركة بين

التأمينات العينية. بالإضافة إلى ذلك فان إقرار حق التفضيل يفترض بالضرورة إقرار حق التتبع. ذلك أن الحق الأول

يفقد جدواه إذا ما غاب عنه الحق الثاني. وفي هذا الاتجاه اعتبر الأستاذ كمال شرف الدين أن "حق التتبع يمثل السلاح

الفعال بالنسبة الى المستفيدين من التأمينات العينية التي تمثل مجالا رحبا لاستخدامه"، ذلك أنه يستحيل على صاحب

الدين الممتاز غير المدعم بحق التتبع استيفاء حقه بالأفضلية إذا ما فوت المدين في محل امتيازه. وتنضاف الى هذه

الحجج حجة أخرى تستند الى ان استبعاد حق التتبع للدائن الممتاز سيتضارب حتما مع ترتيب الفصل 195 م. ح. ع.

ففي حالة التفويت في المحل سيجد الدائن المرتهن نفسه في وضعية تتفوق على وضعية الدائن الممتاز لأن الدائن

المرتهن على خلاف الدائن الممتاز يتمتع بحق التتبع الذي يغيب اذا ما سلمنا في الامتيازات.

الحجة الثانية مستمدة من شكلية الاشهار يستند اليها أصحاب الرأي المستبعد لحق التتبع في الامتياز بقول ان

عدم اشهار الامتياز عموما يحول دون إقرار حق التتبع. للرد على هذه الحجة يتجه القول إن أهمية اشهار الامتياز لا

تخول منح هذه الشكلية مفعولا منشئا لحق التتبع بحيث يكون الحق معدوما كلما غاب الاشهار. وعلى هذا إجراء

الاشهار هو شرط من شروط ممارسة حق التتبع وليس شرطا من شروط نشأته. ومن ناحية أخرى، فإن سكوت

المشرع عن مبدأ اشهار الامتياز لا يمكن نفيه إذ يلاحظ بالاطلاع على دفاتر السجل العقاري تفاعل إدارة الملكية

45 تأمينات عينية - أيمن فالحي

العقارية مع عملية اشهار الامتيازات من بينها اشهار الامتياز العام للخزينة وهو ما يؤكد عدم وجود أي مانع قانوني

أو عملي يحول دون عملية اشهار الامتياز سواء كان عاما أو خاصا.

ب. الإقرار الصريح لحق التتبع:

لقد وقع إقرار حق التتبع بصفة صريحة في نصوص خاصة دون تمييز بين الامتيازات المنصوص على

اشهارها والامتيازات غير المنصوص على اشهارها.

1 . الإقرار الصريح لحق التتبع في بعض الامتيازات المنصوص على اشهارها:

تم تكريس حق التتبع في امتياز بائع الأصل التجاري بصفة صريحة صلب الفصل 250 م. ت : " يتبع امتياز البائع

أو الدائن المرتهن الأصل التجاري حيثما وجد ".

تكريس حق التتبع في امتياز بائع "التركتورات" والعربات الأوتومبيل. لقد جاء بالفصل 1 من الأمر المؤرخ في

7 نوفمبر 1935 المتعلق ببيع "التركتورات" والعربات الأوتومبيل : " امتياز بائع الأثاث أو كل شخص حل محله أو

مقرض المال لشراء العربات أو الآلات المذكورة يعارض به الغير ولو في صورة افلاس المدين مهما كانت الأيدي

التي وجدت فيها العربات أو الآلات ".

حق التتبع في الامتياز البحري الذي تقرر بصفة صريحة بالفصل 66 م. ت. ب: "للدائنين الذين رسم امتيازهم أو

رهنهم على سفينة أن يتبعوها أيا كانت اليد التي انتقلت إليها للمحاصصة بديونهم واستخلاصها بحسب درجاتها أو

درجات ترسيماتهم ".

2 . الإقرار الصريح لحق التتبع في بعض الامتيازات غير المنصوص على اشهارها:

تكريس حق التتبع في امتياز المسوغ بالفقرة 2 من الفصل 200 م. ح. ع : " بالنسبة لغلة العام وللمحصولات ولما

هو مستعمل لخدمة الأراضي الزراعية وأثاث البيوت المكتراة الديون المترتبة عن معين كراء الربع والعقار وما

شابهها من غلال مدنية لمدة العامين الأخيرين والسنة الجارية ولا يجري الامتياز المذكور إذا خرجت تلك الأشياء من

العين وحصل الحق فيها للغير إلا في صورة نقلها مخادعة". يتضح أن حق التتبع يمارس على تلك الأشياء المذكورة

محل الامتياز بشرط اثبات المخادعة في نقلها.

تكريس حق التتبع في الامتيازات الخاصة للخزينة العامة بالفصلين 115 من مجلة معاليم التسجيل والطابع

الجبائي و 34 من مجلة المحاسبة العمومية .

يستخلص من كل ما سبق قوله إن حق التتبع موجود في كل الامتيازات سواء كانت عامة أو خاصة وبه يقوى حق

التفضيل.

فقرة 2: ممارسة حق التتبع

أ. شروط ممارسة حق التتبع:

1 . الشروط العامة المتعلقة بجميع التأمينات:

انتقال محل الامتياز للغير:

لا يمارس حق التتبع الا في حالة انتقال ملكية محل الامتياز الى الغير وهو ما يعني إقصاء الحق إذا ما اجتمع

لدى الدائن الممتاز الحقين حق الملكية وحق الامتياز بأي سبب من أسباب اكتساب الملكية. في هذه الصورة ينقضي

حق التتبع.

عدم التعارض بين التفويت و حق التتبع:

عدم التعارض بين التفويت وحق التتبع إذا ما ترتب عن التفويت تطهير للعقار بمفعول القانون من جميع الحقوق

الموثقة عليه بما فيها الامتياز كما هو في الحال في الانتزاع من أجل المصلحة العامة. في هذه الصورة ينقضي حق

التتبع دون حق التتبع الذي يمارس على غرامة الانتزاع.

2 . الشرط الخاص بالامتيازات الخاضعة للإشهار:

تتوقف ممارسة حق التتبع في الامتيازات الخاضعة للإشهار على احترام هذه الشكلية.

أجل ممارسة حق التتبع:

إن السؤال المطروح بشدة يتمثل في معرفة: هل ترتبط ممارسة حق التتبع بأجل محدد أم أنها لا تتقيد بأجل؟ للإجابة

يتجه الاعتماد على أحد الحلين .

الحل الأول: تطبيق المبدأ القائل إن حق التتبع يمارس طالما أن الامتياز مازال ساري المفعول وهو ما يعني ❖

أن انقضاء حق التتبع يتبع انقضاء حق الامتياز نفسه. وهذا بديهي ومنطقي بما أن الحق الأول أثر للحق الثاني.

الحل الثاني: يتعلق هذا الحل بالامتيازات الخاضعة للإشهار حيث وضع المشرع أجلا معينا يتمثل في مدة ❖

الترسيم ما لم يقع تجديده عند نهاية الأجل المحدد. في هذه الصورة يعتبر الترسيم لاغيا. فممارسة حق التتبع مشروطة

بترسيم حق الامتياز. مثال ذلك امتياز بائع الأصل الذي يدوم 10 سنوات من تاريخ الترسيم ويعد لاغيا إذا لم يقع

تجديده قبل نهاية الأجل.

عن الكاتب

الذخيرة القانونية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الذخيرة القانونية