الذخيرة القانونية

موقع يتعلق بالقانون التونسي

random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الإستئناف في المادة المدنية

الإستئناف في المادة المدنية الذخيرة القانونية

 النظام القضائي التونسي يقوم على جملة من المبادئ الأساسية منها بالخصوص مبدأ التقاضي على درجتين.

ويقضي هذا المبدأ أن النزاع يطرح على محكمة درجة أولى لتنظر فيه على ضوء ما يتجمع لديها من معطيات واقعية وقانونية، وأنّه إذا لم يحرز حكم هذه المحكمة رضاء أحد الأطراف، فإنّه يحق له رفع الأمر إلى محكمة درجة ثانية، التي تعيد النظر في كامل عناصر النزاع، أي في وقائعها وجوانبها القانونية في حدود ما تسلّط عليه الطعن، بحيث يمكنها أن تراجع قناعات محكمة الدرجة الأولى في خصوص الوقائع المدّعى بها وأن تكوّن في شأنها قناعة جديدة.

وهو ما يعني أنه يحق للأطراف تقديم وسائل إثبات جديدة لم يقع تقديمها سابقا إلى محكمة الدرجة الأولى، إلاّ أن تخويل الأطراف تقديم وسائل إثبات جديدة لايعني أنه يحق لهم تغيير الدعوى التي وقع النظر فيها ابتدائيا، ذلك أنّ الطّعن لايمكن أن يمسّ من "مبدأ تثبيت النزاع" أي استقراره وعدم تغييره من طور إلى آخر، وإلا أفرغ مبدأ التقاضي على درجتين من محتواه وأضحى مبدأ أجوف خاليا من الضمانات والفاعلية.

فما يحق للأطراف القيام به في الطور الإستئنافي هو تغيير الأسانيد الواقعية لإدّعاءاتهم، أي الأدلّة والبراهين المعتمدة لإقناع المحكمة بوجاهة مواقفهم، على أنّه لايجب الخلط بين جواز تقديم وسائل الإثبات الجديدة، وبين التمسّك بوقائع جديدة لم تكن محلّ نظر من قبل محكمة البدائية، وتقديم طلبات جديدة لم يسبق لتلك المحكمة النظر فيها، ذلك أنّ الأولى لاتخلّ بمبدأ استقرار النزاع، بينما تمسّ به الثانية والثالثة مساسا واضحا.

وعليه، فقد جاء بطالع الفصل 147 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية أن "الدعوى التي حكم فيها ابتدائيا لايمكن الزيادة فيها ولاتغييرها لدى الإستئناف ولو رضي الخصم بذلك"، بينما جاء بالفصل 148 من ذات المجلّة أنّه "يمكن تغيير السّبب المبني عليه المطلب إذا كان موضوع الطلب الأصلي باقيا على حاله ... كذلك يمكن الإحتجاج بوسائل جديدة لدى الإستئناف"

والأصل أن يرفع الإستئناف إلى محكمة الإستئناف المشرفة على المحكمة الصادر عنها الحكم المطعون فيه، إلاّ أنّ التشريع التونسي منح الإختصاص القضائي الإبتدائي إلى عدة هيئات وهياكل قضائية، كقاضي الناحية وقاضي الضمان الإجتماعي، ففي هذه الأحوال، تنتصب المحكمة الإبتدائية للنظر في مطلب الإستئناف وتتحوّل إلى "محكمة استئنافية" دون أن تكون "محكمة استئناف".

وللإلمام بهذه الطريقة من طرق الطعن، سنتعرض تباعا إلى مختلف المراحل والشروط الشكلية والإجرائية المتعلقة بالطعن بوجه الإستئناف:

أوّلا: كيفية رفع مطلب الإستئناف،

ثانيا: أجل الإستئناف،

ثالثا: الخصوم لدى الإستئناف: أطراف القضية الإستئنافبية.

رابعا:  آثار الإستئناف

خامسا: إجراءات السير في الإستئناف.


(الفقرة الأولى): كيفية رفع مطلب الإستئناف:

جاء بالفصل 130 م م م ت أن مطلب الإستئناف يرفع بعريضة كتابية يحررها محام عن الطاعن لكتابة المحكمة الإستئنافية ذات النظر.

ويجب أن تشمل عريضة الإستئناف على البيانات الواجبة بعريضة افتتاح الدعوى وعلى بيان الحكم المستأنف وعدده وتاريخه.

 ويعتبر مقر المحامي مقرا مختارا للمستأنف.

والملاحظ أنّ المشرع قد منح كاتب المحكمة صلاحية مراقبة استيفاء مطلب الطعن لبعض شروطه الشكلية، وهي المتعلقة بتأمين الخطية القانونية، وخول له عدم قبول المطلب إلاّ إذا كان مرفقا بوصل التأمين أو بما يفيد حصول الطاعن على الإعانة العدلية، وبذلك يقع تفادي الطعون المختلة اختلالا شكليا لما فيه من إثقال لكاهل القضاء وتضييع لفرصة الطعن على الطاعن، حيث إن الحكم برفض طعنه شكلا لعدم تقديم ما يفيد تأمين الخطية يحرمه من حق رفع طعن من جديد حتى ولو تولّى تصحيح الخلل.

وما يلاحظ في هذا الصدد هو أن التوجه فقه القضائي يقوم على مبدأ تمكين الطاعن من تلافي الخلل المتمثل في تقديم عريضة الطعن دون تأمين الخطية القانونية وسهو الكاتب عن ذلك وعدم رفضه قبول العريضة، وذلك بأن تتولى المحكمة تأخير النظر في القضية ومطالبة المستأنف بتأمين المبلغ المستوجب قانونيا والإدلاء بما يثبت ذلك، باعتبار أنّ الخلل ناتج عن خطأ مشترك بين محامي الطاعن وكتابة المحكمة.

وإن التأكد من هذا التأمين داخل في صلاحيات كتابة المحكمة، التي منحها القانون صلاحية عدم قبول مطالب الطعن، في صورة عدم التأمين، خلافا لكافة الصور الأخرى التي يلاحظ فيها كاتب المحكمة وجود خلل شكلي في مطلب الطعن، حيث لايحق له رفض قبوله بأية تعلّة كانت، إذ يبقى النظر في ذلك راجعا لهيئة القضاء وحدها.


(الفقرة الثانية): أجل الإستئناف:

إن الأصل هو أنّ من لم يرض بالحكم يتولى الطعن فيه خلال أجل قصير يبتدئ من تاريخ إعلامه به طبق القانون ويسمى الإستئناف في هذه الحالة أصليا (1)، إلاّ أنّه يمكن أن يرضي أحد الخصوم بالحكم أو يفوّت على نفسه آجال الطعن، ثمّ يتولى خصمه الطعن في نفس الحكم في الآجال القانونية، فهذا يمكن للمذكور أولا أن يرفع من جهته طعنا عرضيا (2).

1-أجل الإستئناف الأصلي:

لم يأخذ المشرع التونسي بالعلم الفعلي بالحكم ولم يعتمد هذا العلم الفعلي كمنطلق لآجال الطعن.

 فرغم أن كل طرف محمول على متابعة قضيته خلال كافة أطوارها، فإنّ أجل الطعن لاينطلق إلاّ اعتبارا من تاريخ الإعلام به طبق القانون، أي بواسطة عدل تنفيذ، طبق أحكام الفصل 141 الجديد من مجلة المرافعات المدنية والتجارية، إلاّ أن القانون يمكن أن ينصّ على منطلق أخر لأجل الطعن، كما هو الحال في مادة الأحوال الشخصية حيث ينطلق أجل الطعن من تاريخ صدور الحكم المراد الطعن فيه. 

كما أنّه في بعض الحالات ينصّ القانون على طريقة أخرى للإعلام بالحكم القابل للإستئناف.

وقد حدّد المشرع أجل الطعن بعشرين (20) يوما، ويسري هذا الأجل بالنسبة لكلّ من المعلم والموجه إليه الإعلام معا. 

أمّا إذا لم يقع أي إعلام فإنّ الأجل يبقى مفتوحا، ويبقى كل طرف على حقه في الطعن متى شاء.

وقد يقع في بعض الأحيان أن يوجه أحد الخصوم إعلاما بحكم إلى خصمه، ثمّ ينسى ذلك أو يختار أن يعيد الإعلام من جديد لأي سبب كان. 

ففي هذه الحالة، وطالما لم يتبيّن أن الإعلام الأوّل باطل، فإنّ الأجل لايسري إلاّ من تاريخه، وإن الإعلام الثاني ليس سوى تزيّدا من جانب المحكوم لفائدته، فلا عبرة به، ولايفتح أجل جديد للطعن من تاريخه. 

والعبرة بذلك هي أن الأجل هو ذاته بالنسبة للمعلم والموجه إليه الإعلام معا. 

فيخشى أن يتولى أحد الأطراف تفويت آجال الطعن على نفسه، ثمّ يوجه إعلاما جديدا، ويفتح لنفسه أجلا جديدا للطعن، فتكون تلك طريقة للتحاليل على القانون والإنحراف بالإجراءات. 

هذا علاوة على أنّ آجال الطعن بشكل عام هي آجال سقوط، وإنّ الطعن لايمكن أن يقوم من جديد بعد سقوطه.

ومن جهة أخرى نلاحظ أن الإعلام لايكون قانونيا إلاّ إذا استوفى كافة الشروط القانونية، وخاصّة منها تلك المنصوص عليها بالفصول من 5 إلى 10 م م م ت.


فيجب أن يكون قد بلّغ إلى المحكوم عليه في مقرّه الأصلي أو المختار وأن يقع تسليمه إلى من له صفة لإستلامه، أي إلى المعني بالأمر نفسه، أو إلى وكيله أو خادمه أو من يكون مساكنا له، بشرط أن يكون معرّفا بهويته. 

فإن لم يجد العدل المنفذ أحدا له صفة قانونية للقبول، فإن عليه تطبيق أحكام الفصل  8 م م م ت، أي أن يترك نظيرا بمقر المتوجه إليه، وأن يوجه إليه مكتوبا مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ، وأن يترك له نظيرا بمركز الشرطة أو الحرس المختص ترابيا.

أمّا إذا كان المحكوم عليه مجهول المقر مطلقا، فإنّه يقع العمل بإجراءات الفصل 10 م م م ت.

على أنه توجد عدة حالات خاصة يقع فيها التمديد في أجل الطعن، وهذه الحالات الخاصة هي الآتية:

  • أ-إذا كان سبب الطعن هو صدور الحكم بناء على تغرير من الخصم أو ورقة مزورة أو بناء على شهادة زور، أو بناء على عدم الإستظهار بحجة قاطعة منعت بفعل الخصم، فإنّ اثبات أحد هذه الأمور هو شرط لقبول الطعن خارج الأجل الأصلي الذي هو عشرون يوما بداية من تاريخ الإعلام بالحكم شريطة أن لايكون الطرف المعني بالأمر قد استنفذ حقه في الطعن بالإستئناف، إذ لايمكنه ان يستأنف نفس الحكم مرتين. ففي هذه الحالة، يصبح منطلق الطعن هو تاريخ العلم بثبوت الزور أو ظهور الحجة أو التغرير.
  • أمّا إذا سبق الطعن في نفس الحكم بطريقة الإستئناف قبل ظهور مبرّر الطعن الجديد، فلا حق للأطراف في استئنافه من جديد، بل يحق للمعني بالأمر الطعن فيه بطريقة التماس إعادة النظر كما سيأتي بيانه لاحقا.
  • ب-إذا كان الموجّه إليه الإعلام متواجدا خارج التراب التونسي يوم الإعلام، فإن اجل الطعن تضاف له "ثلاثون يوما، أي أن الأجل يصبح خمسين يوما من تاريخ الإعلام.
  • ج-إذا كان اليوم الأخير من أجل الإعلام يوم عطلة رسمية، فإنّ الأجل يمتد إلى اليوم الموالي لإنتهاء العطلة.

و الملاحظ أنّ فقه القضاء التونسي استقر على اعتبار أن يوم الإعلام لايحتسب في أجل الطعن، باعتبار أنّه لاشيء يمنع المحكوم له من توجيه الإعلام في آخر ساعات اليوم، بحيث يحرم الموجه إليه الإعلام عمليّا من ذلك اليوم، واعتبرت المحاكم التونسية أن ضمان حق التقاضي-ومن فروعه حق الطعن- يؤول حتما إلى عدم البحث في الحالات الخاصة، وتعميم قاعدة عدم احتساب يوم الإعلام ضمن أجل الطعن، فيكون أجل الطعن أجلا صريحا.

  • د-إذا توفى المحكوم عليه الموجه إليه الحكم خلال أجل الطعن كما هو مبيّن أعلاه، فإنّ هذا الأجل ينقطع وينطلق احتسابه من جديد من تاريخ توجيه إعلام إلى ورثته بنفس الحكم طبق القانون، مع وجوب توجيه إعلام إلى كل واحد منهم على حدة.

والملاحظ أن جزاء عدم احترام آجال الطعن، أي رفع الطعن خارج الأجل القانوني يتمثل في سقوط الإستئناف (الفصل 143 م م م ت)، وإن المسقطات وجوبية عملا بالفصل 13 م م م ت. وتثيرها المحكمة من تلقاء نفسها.

كما يلاحظ أن الفصل 155 يقتضي أنه إذا رجع المستأنف في استئنافه أو قضي برفض طعنه شكلا فلا حق له في الطعن من جديد بنفس الوسيلة حتى ولو أن أجل الطعن بالإستئناف ما زال لم ينقض بعد.


2-آجال الإستئناف العرضي:

إن الطعن العرضي هو طعن مستثار، حيث يكون أحد الأطراف قد فوّت على نفسه آجال الطعن أو عبّر عن رضاه بالحكم بأي شكل كان (علما بأن تفويت أجل الطعن يشكل قرينة على الرضا بالحكم) إلاّ أن مباشرة خصمه لحقه في الطعن في نفس ذلك الحكم يجعله يغيّر موقفه ويصبح غير راض بحكم البداية، فيحق له عندئذ الطعن فيه بصفة عرضية بمناسبة الطعن الأصلي الصادر عن خصمه.

وقد بيّن الفصل 143 م م م ت أنّه "يجوز للمستأنف ضده إلى حدّ ختم المرافعة بعد أن فوّت على نفسه أجل الطعن أو سبق منه قبول الحكم قبل رفع الإستئناف الأصلي أن يرفع استئنافا عرضيا بمذكرة كتابية مشتملة على أسباب استئنافه"

إلاّ أنّه وطالما أن هذا الطعن طعن مستثار، فإنّه يبقى طعنا تبعيا بمعنى أن يتبع الطعن الأصلي، فيبقى ببقائه ويزول بزواله لأيّ سبب كان، كالحكم بسقوط الطعن الأصلي أو برفضه شكلا، وتستثني من ذلك صورة وحيدة هي صورة زوال الطعن الأصلي برجوع الطاعن في طعنه بصفة إرادية طبق الفصل 151 م م م ت، حيث يظلّ الطعن العرضي قائما بنفسه رغم صبغته التبعية، اللهم إّلا إذا رضي المستأنف ضده من جهته بالتخلي عنه صراحة.


(الفقرة الثانية): أطراف القضية الإستئنافية:

يقتضي مبدأ استقرار النزاع المدني وثباته السالف التعرض إليه أنه، كما لايجوز تغيير موضوع الدعوى والطلبات في الطور الإستئنافي، فإنه لايعقل أيضا تغيير أطراف الدعوى، أي أن ينضم إلى أطرافها أشخاص لم يشملهم الحكم الإبتدائي. وتجسيما لهذه القاعدة اقتضى الفصل 152 م م م ت أنّه لايمكن أن يرفع الإستئناف إلاّ من الأشخاص المشمولين بالحكم المستأنف أو خلفائهم أو من ممثل النيابة العمومية في الأحوال التي عيّنها القانون كما لايجوز رفع استئناف على من لم يكن خصما في الدعوى المسلّط عليها الحكم المستأنف.

على أنّه يلاحظ أن المشرع قد خوّل لبعض الأشخاص الذين لم تشملهم أصناف خاصة من الأحكام حق الطعن فيها. 

ومثال ذلك ما جاء بالفصل 71 من القانون عدد 87 لسنة 1989 المؤرخ في 7 سبتمبر 1989 من أنّ حق الطعن في جميع القرارات غير التأديبية الصادرة عن الهيئة الوطنية للمحامين ومجالس فروعها الجهوية ورؤسائها وفي مقررات الجلسات العامة وإجراءات انعقادها، مخوّل لكلّ من له حق التصويت من المحامين ومن الوكيل العام المختص ترابيا، ومن أحد أصوله أو فروعه أو قرينه.

والملاحظ أن القضاء التونسي حرص على تطبيق مبادئ الفصل 152 م م م ت السالف التعرض إليه وذلك بالحكم برفض الإستئناف شكلا كلما كان صادرا عن شخص لاصفة له لذلك.

فعلى سبيل المثال، اعتبرت محكمة الإستئناف بتونس أن المكلف العام بنزاعات الدولة لاصفة له للطعن في القرارات التأديبية الصادرة عن مجلس التأديب لدى الهيئة الوطنية للصيادلة طالما أن المشرع منح الصفة للطعن في هذه القرارات إلى وزير الصحة العمومية، وإن الدعوى التأديبية لاتهدف إلى التصريح بدائنية الدولة أو بمديونيتها.

كما يشترط في الطاعن، إلى جانب عنصر الصفة المشار إليه، أن يكون صاحب مصلحة في الطعن.

فالطعن الذي لامصلحة فيه لصاحبه يقضي برفضه شكلا. ونلاحظ أخيرا أن الصفة للطعن تستمدّ من الحكم الإبتدائي، لامن أصل الحقوق. ذلك أن من يكون طرفا في الحكم الإبتدائي، وتعتبر المحكمة الإبتدائية أنّه غير ذي صفة للقيام أو للتداخل انطلاقا من اطلاعها على ملف القضية وعلى حقوق الأطراف وادّعاءاتهم، يكون مع ذلك صاحب صفة للطعن في الحكم المذكور، طالما أنّ كان طرفا فيه، وشملته مقتضيات ذلك الحكم.

ومن وقع السهو عن النظر في شأنه تماما في حكم البداية، ولم يقض في شأن حقوقه وطلباته إيجابا ولاسلبا، فلا نرى مناصا من تطبيق أحكام الفصل 149 م م م ت في شأنه وذلك بإرجاع القضية إلى محكمة الدرجة الأولى لإصدار حكم في شأنه.

فمن لم يكن طرفا في الحكم الإبتدائي بأية صفة كانت (مدعي-مدعى عليه-دخيل) فلا حق له في الإستئناف، على أنه على وجه الإستثناء من الأحكام الواردة بالفصل 152 المذكور المتعلقة بقصر التقاضي استئنافيا على أطراف الحكم الإبتدائي فقد جاء بالفصل 153 م م م ت بقاعدة مفادها جواز التداخل في الطور الإستئنافي إذ اقتضى أنّه: "لايقبل التداخل لدى الإستئناف إلاّ إذا كان يقصد الإنضمام إلى أحد الخصوم أو كان التداخل من شخص يكون له حق الإعتراض على الحكم".

أمّا الإدخال، فلم يأت أي نص قانوني بجواز القيام به في الطور الإستئنافي، في خصوص من لم يشمله الحكم الإبتدائي، على أن الإدخال يكون حتميا في الصورة المذكورة بالفصل 154 م م م ت دون أن يقع بموجبه إخلال بمبدأ استقرار النزاع المدني إذ جاء ناصا على أنّه: إذا تعدد المحكوم عليهم واستأنف البعض دون الآخر وكان موضوع الحكم لايتجزأ وجب ادخال بقية المحكوم عليهم في القضية ويكون الحكم كذلك إذا كان الطعن في الحكم من أحدهم من شأنه لو يقبل ان يجعل الحكم بتمامه فاقد الأساس.


(الفقرة الرابعة):آثار الإستئناف:

للإستئناف مفعول انتقالي ومفعول توقيفي أو تعليقي، إلى جانب أثر فرعي.


1-المفعول الإنتقالي للإستئناف:

إن الإستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف وذلك في خصوص ما تسلط عليه الإستئناف. فيقتصر المفعول الإنتقالي على المسائل أو الفروع التي تسلط عليها الطعن أما إذا نظر حكم البداية في مسألة واحدة وتم الطعن في أحد الأسس أو الأسانيد التي اعتمدها فقط، فيعد الطعن شاملا لجميع ما جاء بحكم البداية ويكون الأثر الانتقالي شاملا أو كليّا.

وبناء عليه، لايمكن لمحكمة الإستئناف أن تنظر إلاّ في خصوص ما وقع الإستئناف في شأنه. ويعدّ المفعول الإنتقالي تكريسا لمبدأ إثبات النزاع المدني واستقراره.

ولم ير المشرع مساسا بهذا المبدأ في الصورة الواردة بالفصل 147 م م م ت، الذي ينص على أن الدعوى التي حكم فيها ابتدائيا لايمكن الزيادة فيها ولاتغييرها لدى الإستئناف ولو رضي الخصم بذلك إلا إذا كانت الزيادة المطلوبة تتعلق بأداء أجر أو فوائض أو كراء او بقايا ونحوها من الملحقات المتعلقة بالدعوى الأصلية والتي استحقت بعد صدور الحكم أو بغرم ضرر تفاقم أمره بعد صدور الحكم أو بطلب الضمانات المستوجبة بعد الحكم.

كما لايعدّ ماسّا بمبدأ استقرار النزاع المدني ما جاء به الفصل 148 من جواز تغيير سبب الدعوى-دون موضوعها- في الطور الإستئنافي، ذلك أنه يمكن تغيير السبب المبني عليه المطلب إذا كان موضوع الطلب الأصلي باقيا على حاله بدون تغيير وكان السبب الجديد غير قائم على وقائع جديدة لم يقع طرحها لدى محكمة الدرجة الأولى.

وكذلك يمكن الإحتجاج بوسائل جديدة لدى الإستئناف.

ولئن كان الأصل أن محكمة الدرجة الثانية تتصدى بالضرورة للفصل في موضوع النزاع باعتبارها قاضي موضوع، فإن رقابتها تصبح شبيهة برقابة محكمة التعقيب إذا اقتضى الحال ضمان حق التقاضي على درجتين، فيمكنها القضاء بالنقض والإرجاع عملا بأحكام الفصل 149 الذي اقتضى أنه إذا كان الحكم المستأنف صادرا في شأن دفع شكلي ورأت محكمة الإستئناف عدم صحة ذلك الحكم فلها أن تقتصر على نقضه وإرجاع القضية إلى محكمة الدرجة الأولى للنظر في الموضوع كما لها أن كان الموضوع قابلا للفصل ان تبت فيه.


2-المفعول التعليقي:

يقتضي الفصل 146 م م م ت أنّ استئناف الأحكام الإبتدائية يعطل تنفيذها إلاّ فيما استثناه القانون، إلاّ أن هذه القاعدة ليست مطلقة، إذ وضع لها المشرّع استثنائين:

  • أ-صورة الحكم الإستعجالي، الذي ينفّذ آليا بحكم القانون بغضّ النظر عن الطعن بالإستئناف.
  • ولقد أضاف المشرّع إلى الأحكام الإستعجالية، الأوامر بالدفع الصادرة بناء على كمبيالات محرر فيها احتجاج لعدم الدفع طبق ما جاء بالفصل 317 من المجلّة التجارية، حيث إنّ هذا الأمر بالدفع يقبل التنفيذ بعد 24 ساعة من الإعلام به بغض النظر عن الطعن فيه بالإستئناف.
  • ب- صورة تصريح محكمة البداية بتنفيذ حكمها تنفيذا عاجلا مؤقتا بضمان أو بدونه طبق أحكام الفصلين 125 و126 م م م ت.

ففي هذه الحالات، لايكون للإستئناف مفعول تعليقي، وإنّما يمكن القيام استعجاليا أمام رئيس المحكمة المتعهدة بالإستئناف لطلب الحكم بتعطيل تنفيذ هذا الحكم مع الإدلاء بما يفيد الطعن فيه بالإستئناف.

فقد اقتضى الفصل 146 المذكور أعلاه في فقرته الثانية وما يليها أنه يجوز لرئيس المحكمة ذات النظر أن يأذن بتوقيف تنفيذ الأحكام "الموصوفة غلطا بكونها" نهائية.

ولايصدر الإذن بتوقيف التنفيذ إلا بعد سماع المرافعة بجلسة استعجالية تعقد في أسرع وقت.

وعلى الطالب أن يستدعي خصمه لتلك الجلسة بواسطة العدل المنفذ وإن لم يفعل ذلك رفض النظر في مطلبه.

والإذن الصادر بتوقيف التنفيذ غير قابل للطعن ولو بطريق التعقيب.

ويقتضي الفصل 150 م م م ت أنّه إذا وقع نقض أو تعديل حكم مشمول بالنفاذ المعجل أو كان الحكم المنقوض او المعدل صادرا بالإستجابة إلى طلب استعجالي وجب أن ينص حكم النقض أو التعديل على ترجيع ما دفعه أو سلمه المستأنف بموجب تنفيذ الحكم المنقوض أو المعدل أو إعادة الحالة لسالف وضعها كل ذلك في حدود ما وقع نقضه أو تعديله.

وعلى المحكمة تدارك ما وقع من سهو عن الترجيع أو الإعادة من تلقاء نفسها.

3-تسليط خطيّة على الطاعن الذي يخيب في طعنه:

جاء بالفصل 151 م م م ت أنّ طالب الإستئناف الذي يصدر عليه الحكم تسلط عليه خطية قدرها عشرة دنانير ان الحكم المستأنف صادرا من قاضي الناحية وعشرين دينارا ان كان الحكم صادرا من غيره وهي الخطية التي يجب تأمينها عند الطعن، وذلك بقطع النظر عن غرم الضرر الناشئ لخصمه من جراء الإفراط في استعمال حق الإستئناف.

وإذا وقع الرجوع في الإستئناف أمكن للمحكمة إعفاء المستأنف من الخطية. وفي ذلك تشجيع للمتقاضي الذي يتبيّن له أن طعنه غير مؤسس، على التراجع عن الطعن، مع ما في ذلك من قطع لدابر الخصام وتقليل من الإكتظاظ لدى المحاكم.

والجدير بالذكر أنّ بالرجوع في الإستئناف الأصلي لايزول به الطعن العرضي كما سبق القول، فيبقى قائما ما لم يصرح المستأنف ضده بأنه تنازل عنه ورجع فيه من جهته.

(الفقرة الخامسة): إجراءات السير في الإستئناف:

1-الإجراءات المحمول إنجازها على كتابة المحكمة:

تنطلق الإجراءات بتقديم الطاعن لعريضة الإستئناف إلى كتابة المحكمة المتعهدة بالطعن، وعلى ضوء ذلك يتولى كاتب المحكمة تقييد المطلب بدفتر خاص بالإستئناف، ويسلّم وصلا إلى من قدم المطلب إشهادا منه بتوصله بطلب الطعن.

ثمّ يتولى كاتب المحكمة مكاتبة المحكمة الصادر عنها الحكم المستأنف لمطالبتها بتوجيه الملف الإبتدائي، إلاّ في قضايا استئناف الأوامر بالدفع، حيث لاوجود لملف ابتدائي إذ أن طالب الأمر بالدفع يسترجع جميع مؤيداته بمجرد صدور الأمر بالدفع فيكون هو المطالب بتقديمها إلى محكمة الدرجة الثانية.

ثمّ إنّه، وفي مرحلة ثانية، يقع توزيع القضايا على دفاتر مخصّصة لكلّ صنف منها، ومثال ذلك الدفتر الخاص بقضايا التحكيم أو الدفتر الخاص بالقضايا المتعلقة بالهيئات المهنية، فيعطي لها عدد بهذا الدفتر يكون هو عدد القضية، الذي ينادي عليها به في الجلسات ويسند هذا العدد إلى الحكم ذاته.

ولدى ورود الملف من المحكمة الإبتدائية، يتولى الرئيس تعيين المستشار أو القاضي المكلف بتقرير القضية عند الإقتضاء، ويأذن بتعيين القضية بجلسة يعيّنها.

ثمّ يتولى كاتب المحكمة توجيه استدعاء للجلسة إلى محامي الطاعن بالطريقة الإدارية طبق الفصل 44 م م م ت، أي بواسطة أحد أعوان المحكمة أو السلطة الإدارية، كأعوان الأمن، أو حتى بواسطة مكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ أو بواسطة عدل تنفيذ.

ويجب على كاتب المحكمة أن يحترم في استدعاء محامي الطاعن الآجال المنصوص عليها بالفصل 135 م م م ت وهي صنفان:


  • أ-الأجل العام:
  • وهو ثلاثون يوما قبل موعد الجلسة. والعبرة في ذلك بتاريخ تلقي محامي الطاعن للإستدعاء لابتاريخ توجيهه من قبل كاتب المحكمة.
  • وبالرجوع إلى أحكام الفصل 46 م م م ت، فإنّه يجب أن يضمن بالإستدعاء اسم ولقب وحرفة ومقر المستدعي والمستأنف ضدّه وموضوع الدعوى والمحكمة الراجع لها النظر في النازلة وتاريخ الجلسة المعينة لها القضية.
  • كما يجب أن يبيّن بجذر الإستدعاء اسم العون الذي تولى التبليغ وصفته وتاريخ التبليغ.
  • ويجب أن يمضي المستدعى بالجذر ويكون هنا بالضرورة محامي الطاعن، أو أن يقع التنصيص على امتناعه عن الإمضاء، كما يجب أن يمضي عليه من تولّى التبليغ.
  • ويضاف هذا الجذر إلى ملف القضية الإستئنافية لتتأكد هيئة القضاء من بلوغ الإستدعاء من عدمه.

  • ب-الأجل الخاص ببعض أنواع القضايا: الأجل المخفّض:
  • إذا تعلّق الأمر باستئناف حكم استعجالي أو باستئناف أمر بالدفع أو حكم صادر في قضية مؤسسة على اعتراف بكتب رسمي أو خطي (غير رسمي) معرف بالإمضاء عليه أو على قرينة قانونية أو على حالة تأكّد استوجبت استعجال النظر والبتّ في القضية على وجه السرعة، فإنّ الأجل العادي لإستدعاء محامي الطاعن يقع الحط منه إلى ثمانية أيام فحسب. وفي هذه الحالة يجب التنصيص على تخفيض الأجل بالإستدعاء الموجه إلى محامي الطاعن. ولئن كان الحط من الأجل آليا في صورة استئناف حكم استعجالي أو أمر بالدفع، فإن على كاتب المحكمة الرجوع إلى الدائرة المكلفة بالنظر في القضية كلّما تعلق الأمر بقضية أخرى، إذ أنّ تقدير مدى شمول أحكام الفصلين 135 و81 م م م ت للقضية المعنية من عدم ذلك لايمكن أن يقرره إلاّ القضاء.

والملاحظ أنه عمليا يقع استدعاء محامي المستأنف في الآجال العاديّة بالنسبة لقضايا استئناف الأوامر بالدفع ولايقع التخفيض في الأجل إلا إذا وجد ما يفيد شروع المحكوم له في التنفيذ أو حصول الطاعن على قرار في إيقاف التنفيذ، علما بأن توجه محكمة الإستئناف بتونس يقتضي أنه يقع الحكم بإيقاف التنفيذ آليا كلما تبيّن أن الكمبيالة أو السند للأمر المؤسس عليه الأمر بالدفع لم يحرّر في شأنهما احتجاج طبق الفصل 307 وما يليه من المجلة التجارية، ولم يتضمن شرط إعفاء من الإحتجاج أو من المصاريف.


2-الإجراءات المحمولة على الطاعن ومحاميه:

عملا بأحكام الفصل 134 م م م ت فإن على الطاعن القيام بالإجراءات التالية:

أ-الإستدعاء:

تقديم محضر الإستدعاء مع نسخة من عريضة الطعن ونظير من مستنداته إلى كتابة المحكمة مع نسخة الحكم ومؤيدات الطعن مرفقة بكشف في جميع هذه المؤيدات يحمل إمضاء كاتب المحكمة واستدعاء خصومه للجلسة على طريقة الفصل 5 م م م ت (بواسطة عدل منفذ) في أجل لايقل عن عشرين يوما قبل تاريخ الجلسة، مع عدم احتساب يوم الجلسة ويوم بلوغ الإستدعاء.

ويقع التخفيض في هذا الأجل إلى ثلاثة أيام فقط في الحالات التي تتولى فيها كتابة المحكمة استدعاء محامي الطاعن في الأجل المخفّض.

ويجب أن يتضمن محضر الإستدعاء بوجه خاص تذكير المستأنف ضدهم بأنه يجب عليهم تقديم ردودهم على أسانيد الطعن كتابة وبواسطة محام في أجل أقصاه يوم الجلسة.

وإذا تسرّب إلى محضر الإستدعاء خلل، يتمثل في عدم التنبيه على المستأنف ضدهم كما ذكر، ولم يكلف المستأنف ضدهم محاميا، أو كلفوا محاميا تمسك بهذه النقطة دون سواها، فإنه يقضي برفض الطعن شكلا.

أما إذا كان الخلل متمثلا في نقص أو خطأ في بيان اسم المستأنف أو المستأنف ضده أو لقبه أو المحكمة أو تاريخ الجلسة أو موعد الحضور، فإن الجزاء هو بطلان محضر الإستدعاء ورفض الطعن شكلا إن لم يحضر المستأنف ضده لدى المحكمة بموعد الجلسة، فإن حضر زال البطلان.

وقد تساهل فقه القضاء في تطبيق هذا النص بأن خول لمحامي الطاعن تقديم الملف الإستئنافي يوم الجلسة الأولى.

ب-جزاء الإخلال بالإستدعاء:

إذا تخلف محامي الطاعن عن القيام بإجراءات الإستدعاء فيقضي حتما برفض الطعن شكلا، حتى ولو حضر المستأنف ضده أو محاميه وقدم ما يفيد أن الإستدعاء بلغه مع عريضة الطعن ومستنداته. فلا يعفى محامي الطاعن من تقديم جميع ذلك إلى كتابة المحكمة أو إلى هيئة المحكمة لأي سبب كان.

3-الإجراءات المحمولة على المستأنف ضده ومحاميه:

إنابة المحامي وجوبية أمام محكمة الإستئناف فلا يمكن تلقي جواب المستأنف ضده إلا بواسطة محام ومتى كلف المستأنف ضده محاميا، فإنّه يجب عليه أن يقدم لكتابة المحكمة دفوعاته لأسانيد الطعن مع ما عسى أن يكون لديه من مؤيدات في أجل أقصاه يوم الجلسة.

وإذا لم يكلف المستأنف ضده محاميا أو كلفه ولم يقدم جوابه وما قد يكون لديه من دفوعات فإن المحكمة تواصل النظر في القضية بحسب ما تقتضيه أوراقها.

وإذا كانت الدولة أو المؤسسة العمومية هي المستأنف ضدها وطلبت التأخير في أول جلسة تؤجل لمدة لاتقل عن ستين يوما.

ويقتضي الفصل 138 م م م ت أنّ على محامي المستأنف ضده أن يقدم دفاع ومستندات موكله كتابة قبل الجلسة التي أجل إليها بثلاثة أيّام في نظيرين أحدهما يضاف للملف والثاني يسلم لزميله نائب المستأنف، الذي يمكنه أن يطلب يوم الجلسة تمكينه من الرد على دفاع ومستندات الخصم وعندئذ يمكن تأجيله على ذلك، وعليه أن يقدم الرد قبل الجلسة بثلاثة أيام على الأقل في نظيرين أحدهما يضاف للملف والثاني يسلم لزميله نائب المستأنف ضدّه.

كما يمكن تأجيل محامي المستأنف ضده إن طلب ذلك على تقديم مذكرة في الرد بما يراه وعليه أن يقدم الرد قبل انتهاء الأجل بثلاثة أيام في نظيرين أحدهما يضاف للملف والثاني يسلم لزميله.

4-الإجراءات التي تتولاها هيئة المحكمة:

تمرّ القضية في البداية بطور تحضيري يتولى خلاله محاموا الأطراف تبادل التقارير والمؤيدات ويقع ادخال من يجب عند الإقتضاء.

وعندما يستوفي الطرفان ما لديهما من الملحوظات والمؤيدات الكتابية بالطريقة المتقدّمة وتصبح القضية جاهزة للحكم يقع تعيينها لجلسة المرافعة.

وتنسحب القواعد المقررة للإجراءات لدى المحاكم الإبتدائية على القضايا الإستئنافية بقدر ما لاتتخالف مع الأحكام الخاصة بالإستئناف.

عن الكاتب

الذخيرة القانونية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الذخيرة القانونية